للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جريدة خيلٍ (١) إلى الشام، فإن وجدوا مساغًا ساغوا، وإلا امتشُّوا (٢) ما قدروا عليه. قالوا: ما ضرَّك لو فعلت؟ قال: فمَن ترونَ؟ قالوا: فلانٌ. قال: بل الرجلُ الذي أخبرني ما أخبرني. فدعا بختُنصرَ وأرسله، وانتخب معه أربعة آلاف من فرسانهم، فانطلقوا فجاسوا خلال الديار، فسبَوا ما شاء الله، ولم يخرِّبوا ولم يقتلوا، [ورُمى في جنازة] (٣) صيحونَ (٤). قالوا: اسْتَخْلِفوا رجلًا. قالوا: على رسلِكم حتى يأتى أصحابكم فإنهم فرسانكم؛ [أن يُنغِّصوا] (٥) عليكم شيئًا. فأمهلوا (٦) جاء بختُنصرَ بالسَّبي وما معه، فقسَّمه في الناس، فقالوا: ما رأينا أحدًا أحقَّ بالملكِ مِن هذا. فملَّكوه (٧).

حدَّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني سليمانُ بنُ بلالٍ، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقولُ: ظهر بختُنصرَ على الشام، فخرَّب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشقَ، فوجد بها دمًا يغلى على كِبًا (٨). فسألهم: ما هذا الدمُ؟ قالوا: أدركنا آباءنا على هذا، وكلَّما ظهر عليه الكِبَا ظهر. قال: فقتل على ذلك الدم سبعين ألفًا مِن المسلمين وغيرهم، فسكن (٩).


(١) خيل جريدة: لا رَجّالة فيها. اللسان (ج ر د).
(٢) في م: "انثنوا". وامتشُّوا: انتزعوا، يقال: امتشى الثوب: انتزعه. ينظر اللسان (م ش ش).
(٣) في م: "ومات". ورمى في جنازته: أي مات. والعرب تقولها إذا أخبرت عن موت إنسان؛ لأن الجنازة تصير مرميًّا فيها. النهاية ١/ ٣٠٦.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "صحور". وبعده في م: "الملك".
(٥) في م: "لن ينقضوا".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أمهلوا"، وفى م: "أمهلوا فأمهلوا".
(٧) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٥٤٥، ٥٤٦.
(٨) بعده في م: "أي كناسة"، ولعله تفسير من الناسخ.
(٩) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٤٤ عن المصنف، وقال: وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب، وهذا هو المشهور.