للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا (١) وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لبنى إسرائيل فيما قضَى إليهم في التوراة: إن أحسنتم يابني إسرائيلَ، فأطَعتم الله وأصلَحتم أمرَكم، ولزمتم أمرَه ونهيَه أحسَنتم وفعلتم ما فعَلتم من ذلك لأنفسكم؛ لأنَّكم إنما تنفعون بفعلِكم (٢) ما تفعَلون من ذلك أنفسكم في الدنيا والآخرة؛ أما في الدنيا فإن الله يدفَعُ عنكم من بغَاكم سوءًا، ويُنمِّى لكم أموالَكم، ويَزيدُكم إلى قوَّتِكم قوَّةً، وأما في الآخرة فإن الله يُثيبُكم به جنانه. ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ﴾. يقولُ: وإن عصيتُم الله وركبتم ما نهاكم عنه حينئذٍ، فإلى أنفسكم تُسيئون؛ لأنكم تُسخِطون بذلك على أنفسكم ربَّكم، فيُسلِّطُ عليكم في الدنيا عدوَّكم، ويُمكِّنُ مِنكم مَن بغاكم سوءًا، ويُخلِّدُكم في الآخرة في العذاب المهين. وقال جل ثناؤُه: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾. والمعنى: فإليها. كما قال: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)[الزلزلة: ٥] والمعنى: أَوْحَى إليها.

وقولُه: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾. يقولُ: فإذا جاء وعدُ المرّة الآخرة من مَرَّتَيْ إفسادِكم يابني إسرائيلَ في الأرض، (لِيَسُوءَ (١) وُجُوهَكُمْ). يقولُ: ليسوء مجئُ ذلك الوعد للمرة الآخرة وجوهَكم فيُقبِّحَها.

وقد اختلَفت القرأةُ في قراءة قوله: (ليَسُوءُ (١) وُجُوهَكُمْ). فقرأ ذلك عامَّةُ قرأة أهل المدينة والبصرة: ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾. بمعنى: ليسوءَ العبادُ


(١) في ص، ت ١، ف: "ليسوء". ويبدو أن هذه القراءة هي اختيار الطبرى كما سيظهر ذلك من تأويله للآية. وهذه القراءة هي قراءة ابن عامر وحمزة وخلف وعاصم في رواية أبي بكر. ينظر السبعة ص ٣٧٨، والنشر ٢/ ٢٢٩.
(٢) في م: "بفعلتكم".