للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في الحديث الذي ذكَرنا إسناده قبلُ؛ أن رجلًا من بنى إسرائيلَ رأى في النوم أن خرابَ بيت المقدسِ وهلاك بني إسرائيل على يَدَىْ غلامٍ يتيمٍ ابن أرملةٍ من أهل بابل، يُدْعَى بُخْتُنصَّر، وكانوا يَصدُقون فتَصدُقُ رؤياهم، فأقبَل فسأَل عنه حتى نزل على أمِّه وهو يَحتطبُ، فلما جاء وعلى رأسه حزمةٌ من حطبٍ ألقاها، ثم قعَد في جانب البيت، فضمَّه، ثم أعطاه ثلاثةَ دراهمَ، فقال: اشترِ بهذا (١) طعامًا وشرابًا. فاشترى بدرهم لحمًا وبدرهمٍ خبزًا وبدرهمٍ خمرًا، فأكلوا وشربوا حتى إذا كان اليومُ الثاني فعَل به ذلك، حتى إذا كان اليومُ الثالثُ فعل ذلك، ثم قال له: إني أُحِبُّ أن تكتبَ لى أمانًا إن أنت ملَكتَ يومًا من الدهرِ. فقال: تسخَرُ بي؟ فقال: إني لا أسخَرُ بك، ولكن ما عليك أن تتخذ بها عندى يدًا! فكلَّمته أمُّه، فقالت: وما عليك إن كان (٢)، وإلا لم يَنقُصْك شيئًا! فكتب له أمانًا، فقال (٣): أرأيتَ إن جئتُ والناسُ حولَك قد حالوا بينى وبينك، فاجعَلْ لى آيةً تعرِفُنى بها. قال: ترفَعُ صحيفتَك على قَصَبةٍ فأعرِفُك بها. فكسَاه وأَعْطَاه، ثم إن ملك بني إسرائيلَ كان يُكرِمُ يحيى بن زكريا، ويُدْنِى مجلسَه، ويستشيرُه في أمرِه، ولا يقطَعُ أمرًا دونَه، وإنه هوىَ أن يتزوَّجَ ابنة امرأةٍ له، فسأل يحيى عن ذلك، فنهاه عن نكاحِها، وقال: لستُ أَرْضاها لك، فبلَغ ذلك أمَّها فحقَدت على يحيى حينَ نهاه أن يتزوَّجَ ابنتَها، فعمَدت أمُّ الجارية حينَ جلَس الملكُ على شرابه، فألبَستْها ثيابًا رقاقًا حُمْرًا، وطيَّبْتها وألبَسْتها من الحَلْي، و (٤) ألبَستها فوق ذلك كساءً أسودَ، وأرسَلتْها


(١) في م: "لنا بها". وفى تاريخ المصنف - كما سيأتي تخريجه -: "بهذه".
(٢) بعده في م: "ذلك".
(٣) بعده في م: "له".
(٤) بعده في م: "قيل: إنها". وينظر مصدر التخريج.