للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يُطِقهم (١)، فلما اشتدَّ عليهم المُقامُ وجاع أصحابُه، أرادوا الرجوعَ، فخرَجت إليهم عجوزٌ من عجائز بنى إسرائيلَ، فقالت: أين أميرُ الجندِ؟ فأُتى بها إليه، فقالت له: إنه بلَغنى أنك تريدُ أن تَرجِعَ بجندِك قبل أن تَفتحَ هذه المدينةَ. قال: نعم، قد طال مُقامي، وجاع أصحابي، فلستُ أستطيعُ المقامَ فوقَ الذي كان منى. فقالت: أرأيتَك إن فتحتُ لك المدينةَ أتُعطينى ما أسألُك، فتقتلُ مَن أمَرتُك بقتله، وتَكُفُ إذا أَمَرتُكَ أَن تَكُفَّ؟ قال: نعم. قالت: إذا أصبَحت فاقسِمْ جندَك أربعة أرباعٍ، ثم أَقِمْ على كلِّ زاويةٍ ربعًا، ثم ارفَعوا بأيديكم إلى السماء فنادُوا: إِنا نستفتِحُك يا الله بدمِ يحيى بن زكريا. فإنها سوف تسَّاقَطُ. ففعَلوا، فتساقَطت المدينةُ، ودخَلوا مِن جوانبها، فقالت له: [كُفَّ يدَك] (٢)، اقتُلْ على هذا الدم حتى يَسكُن. وانطلَقتْ به إلى دم يحيى، وهو على ترابٍ كثيرٍ، فقتَل عليه، حتى سكن، سبعين ألفًا وامرأةً، فلما سكَن الدمُ قالت له: كُفَّ يدك، فإن الله إذا قُتِل نبيٌّ لم يرضَ، حتى يُقتَلَ مَن قتَله، ومَن رضِي قتلَه. وأتاه صاحبُ الصحيفة بصحيفته، فكفَّ عنه وعن أهل بيته، وخرَّب بيتَ المقدس، وأمَر به أن تُطرَحَ فيه الجيَفُ، وقال: مَن طرح فيه جيفةً فله جزيتُه تلك السنة، وأعانه على خرابِه الرومُ من أجل أنَّ بني إسرائيل قتلوا يحيى، فلما خرَّبه بختُنصَّرَ ذهَب معه بوجوه بنى إسرائيل وسراتِهم (٣)، وذهب بدانيالَ وعَلْيا وعَزَرْيَا (٤) وميشائيلَ، هؤلاء كلُّهم من أولاد الأنبياء وذهَب معه برأس الجالوت (٥)، فلما قدِم أرضَ بابلَ وجَد صَيْحائينَ قد مات، فملَك مكانَه، وكان


(١) في ت ٢: "يطلعهم". وفي ف: "يطلقهم".
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: "أشرافهم".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "عزوريا". وفي م: "عزاريا". ينظر التاريخ.
(٥) في م: "جالوت".