للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكُ أهل فارسَ، ويتنازعُ الناسُ الملُك في كلِّ قريةٍ، حتى يكون الملِكُ يملكُ اليوم واليومين، والشهرَ والشهرين، [ثم يُقتَلُ] (١)، فلا يكونُ للناسِ قوامٌ على ذلك، كما لم يكن للصنم قوامٌ على رجلين من فخّارِ؛ فبينما هم كذلك، إذ بعث الله تعالى نبيًّا من أرض العرب، فأظهَره على بقية مُلكِ أهل فارس، وبقية مُلكِ ابنك ومُلكك، فدمَّره وأهلكه (٢) حتى لا يَبقَى منه شيءٌ، كما جاءت الصخرةُ فهدَمت الصنمَ. فعطَف عليهم بختُنصرَ فأحَبَّهم، ثم إن المجوس وشوا (٣) بدانيالَ، فقالوا: إن دانيالَ إذا شرب الخمرَ لم يَمْلِكُ نفسَه أن يبولَ. وكان ذلك فيهم عارًا، فجعل لهم بختُنصّرَ طعامًا، فأكَلوا وشربوا، وقال للبوّاب: انظر أوّلَ مَن يخرُجُ عليك يبولُ، فاضربه بالطَّبَرْزِينِ (٤)، وإن قال: أنا بختُنصّرَ. فقل: كذَبتَ، بختُنصرَ أَمَرنى. فحبَس اللهُ عن دانيال البولَ، وكان أوّلَ مَن قام من القوم يريدُ البول بختُنصّرَ، فقام مُدلًّا، وكان ذلك ليلًا، يسحَبُ ثيابَه، فلما رآه البوّابُ شدَّ عليه، فقال: أنا بختُنصرَ. فقال: كذبتَ، بختُنصرَ أمرنى أن أقتُلَ أوّلَ مَن يخرُجُ. فضربه فقتله.

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيم، قال: ثنا ابن عليةَ، عن أبي المُعَلَّى، قال: سمعتُ سعيدَ بنَ جبيرٍ، قال: بعث الله عليهم في المرّة الأولى سنحاريب. قال: فردَّ اللهُ لهم الكرَّةَ عليهم، كما قال. قال: ثم عصَوا ربَّهم وعادوا لما نُهوا عنه، فبعَث عليهم في المرّة الآخرةِ بحُتَنصَّرَ، فقتل المُقاتِلةَ، وسبَى الذُّرِّيَّةَ، وأَخَذ ما وجد مِن الأموال، ودخَلوا بيتَ المقدسِ، كما قال الله ﷿: ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ


(١) سقط من ت ٢.
(٢) في ت ٢: "أهله".
(٣) في ص، ت ٢، ف: "يروا".
(٤) في ت ١: "بالطربزين". والطبرزين فارسي، وتفسيره: فأس السَّرْج. لأن فرسان العجم تحمله معها يقاتلون به. قال: وقد تكلمت به العرب. المعرب ص ٢٧٦.