للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكسِبُ إثمَ ضلالِه عليها لا على غيرِها. وقولُه: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. يعنى تعالى ذِكرُه: ولا تحمِلُ حاملةٌ حِملَ أخرى غيرِها من الآثامِ. وقال: ﴿وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. لأنَّ معناه: ولا تزِرُ نفسٌ وازرةٌ وزِرَ نفسٍ أُخرى. يُقالُ منه: وزِرْتُ كذا أَزِرُه وِزْرًا. والوِزرُ هو الإثمُ، يُجمعُ أوزارًا، كما قال تعالى ذِكرُه: ﴿وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ﴾ [طه: ٨٧]. وكأنَّ معنى الكلامِ: ولا تأثَمُ آثمةٌ إثمَ أخرى، ولكن على كلِّ نفسٍ إثمُها دونَ إثمِ غيرِها مِن الأنفسِ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾: واللَّهِ ما يحمِلُ اللَّهُ على عبدٍ ذنبَ غيرِه، ولا يُؤاخَذُ إلا بعملِه (١).

وقولُه: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وما كنا مُهلِكى قومٍ إلا بعدَ الإعذارِ إليهم بالرسلِ، وإقامةِ الحجةِ عليهم (٢) بالآياتِ التي تقطَعُ عُذرَهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾: إنَّ اللَّهَ ليس يُعذِّبُ أحدًا حتى يسبِقَ إليه من اللَّهِ خبرٌ (٣)، أو يأتيَه من اللَّهِ بيِّنةٌ، وليس معذِّبًا أحدًا إلا بذنبِه.

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، [عن قتادةَ] (٤)، عن أبي هريرةَ، قال: إذا كان يومُ القيامةِ، جمَع اللَّهُ النسَمَ (٥)


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٦٧ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) سقط من: ت ١.
(٣) في م: "خبرا".
(٤) سقط من: ت ١.
(٥) في م: "نسم".