للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسيُن، قال: ثنا شَريكٌ، عن سلَمةَ أو غيرِه، عن سعيدِ بن جبيرٍ، قال: أَمَرْنا بالطاعةِ فعصَوا (١).

وقد يَحتمِلُ أيضًا إذا قُرئ كذلك أن يكونَ معناه: جعلناهم أمراءَ ففسقوا فيها؛ لأنَّ العربَ تقولُ: هو أميرٌ غيرُ مأمورٍ.

وقد كان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ من أهلِ البصرةِ (٢) يقولُ: قد يتوجَّه معناه إذا قُرئ كذلك إلى معنى أكثرْنا مُترفيها، ويحتجُّ لتصحيحِ قولِه ذلك بالخبرِ الذي رُوى عن رسولِ اللَّهِ أنه قال: "خَيْرُ المَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ (٣) " (٤). ويقولُ: معنى قولِه: مأمورةٌ: كثيرةُ النسلِ. وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ من الكوفيينِ (٥) يُنكرُ ذلك من قِيلِه، ولا يُجيزُ (أَمِرْنا) (٦)، بمعنى أكثَرْنا إلا بمَدِّ الألفِ من (آمَرْنا). ويقولُ في قولِه: "مُهرةٌ مأمورةٌ": إنما قيلَ ذلك على الإتباعِ لمجيء "مأبورةٍ" بعدها، كما قيل: "ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غيرَ مَأْجُورَاتٍ" (٧). فهَمَزَ مأزوراتٍ لهمزِ مأجوراتٍ، وهى من وَزَرْتُ إتباعًا لبعضِ الكلامِ بعضًا.

وقرَأ ذلك أبو عثمانَ (٨): (أمَّرْنا)، بتشديدِ الميمِ، بمعنى: الإمارةِ. حدَّثنا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٩ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) هو قول أبى عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٧٢، ٣٧٣.
(٣) السِّكة: الطريقة المصطفّة من النخل. والمأبورة: الملقحة. النهاية ٢/ ٣٨٤.
(٤) أخرجه أحمد ٢٥/ ١٧٣ (١٥٨٤٥) من حديث سويد بن هبيرة وإسناده ضعيف.
(٥) يعنى الفراء، معاني القرآن ٢/ ١١٩.
(٦) قرأ بها الحسن ويحيى بن يعمر وعكرمة (أمرنا) بكسر الميم. البحر المحيط ٦/ ٢٠.
(٧) أخرجه ابن ماجه (١٥٧٨) من حديث على .
(٨) ينظر البحر المحيط ٦/ ٦٠.