للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن جبيرٍ أنه قرَأ: (وَاخفِضْ لَهُما جنَاحَ الذِّلِّ). قال الفرَّاءُ: وحدَّثنى (١) الحكمُ بنُ ظُهَيْرٍ، عن عاصمِ بن أبى النَّجودِ، أنه قرَأها: (الذِّلِّ) أيضًا، قال (٢): فسألتُ أبا بكرٍ فقال: ﴿الذُّلِّ﴾ قرَأها عاصمٌ (٣).

وأما قولُه: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾. فإنه يقولُ: ادعُ اللَّهَ لوالديك بالرحمةِ، وقل: ربِّ ارحمْهما، وتَعَطَّفْ عليهما بمغفرتِك ورحمتِك، كما تَعَطَّفا عليَّ في صِغَري، فرحِماني وربَّياني صغيرًا، حتى اسْتَقْلَلَتُ بنفسي، واسْتَغْنيتُ عنهما.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ هكذا عُلِّمتُم، وبهذا أُمِرْتُم، خذوا تعليمَ اللهِ وأدبَه، ذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ خرَج [ذاتَ يومٍ] (٤) وهو مادٌّ يدَيْه رافعٌ صوتَه يقولُ: "مَن أَدْرَك والدَيْه أو أحدَهما ثمَّ دخَل النَّارَ بعدَ ذلكَ فَأَبْعَده اللهُ وأَسْحَقَه". ولكن كانوا يرَوْن أنه من بَرَّ والديْه، وكان فيه أدنى تُقًى، فإن ذلك مُبْلِغُه جَسيمَ الخيرِ (٥).

وقال جماعةٌ مِن أهلِ العلمِ: إِنَّ قولَ اللَّهِ جلّ ثناؤُه: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾. منسوخٌ بقولِه: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ


(١) في م: "أخبرني". وينظر معاني القرآن ٢/ ١٢٢.
(٢) سقط من: م. والقائل أبو زكريا الفراء.
(٣) معاني القرآن ٢/ ١٢٢.
(٤) سقط من: ت ١، ت ٢، ف.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٣٤٤ (١٩٠٤٩ - ميمنية) بإسناده عن قتادة يحدث عن زرارة بن أوفى عن أُبى بن مالك.