للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثناؤُه: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ [الملك: ١٥]. يُجمعُ ذلك ذُلُلًا، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا﴾ [النحل: ٦٩]. وكان مجاهدٌ يتأوَّلُ ذلك أنه لا يَتوعَّرُ (١) عليها مكانٌ سلَكتْه.

واختَلفت القرَأةُ في قراءةِ ذلك، فقرَأته عامَّةُ قرَأةِ الحجازِ والعراقِ والشامِ: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ بضمِّ الذالِ على أنه مصدرٌ من الذَّليلِ. وقرَأ ذلك سعيدُ بنُ جُبيرٍ وعاصمٌ الجَحْدَرِيُّ: (جَناحَ الذُّلِّ) بكسرِ الذالِ (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا بَهْزُ بنُ أسدٍ، قال: ثنا أبو عَوانةَ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ أنه قرَأ: (وَاخْفِضْ لَهُما جُناحَ الذِّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ). [قال: كُنْ لهما ذَليلًا، ولا تَكنْ لهما ذَلولًا] (٣).

حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، قال: أخبرَنى عمرُ بنُ شَقِيقٍ (٤)، قال: سمعتُ عاصمًا الجَحْدَرِيَّ يَقْرَأُ: (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذِّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ). قال: كُنْ لهما ذليلًا، ولا تكنْ لهما ذَلولًا (٥).

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عمرُ بنُ شَقِيقٍ (٤)، عن عاصمٍ مثلَه.

قال أبو جعفرٍ: وعلى هذا التأويلِ الذي تأوَّله عاصمٌ كان يَنبغى أن تكونَ قراءتُه بضمِّ الذالِ لا بكسرِها. وبكسرِها حدَّثنا نصرٌ وابنُ بشارٍ.

وحُدِّثتُ عن الفرَّاءِ، قال: ثنى هشيمٌ، عن أبي بِشرٍ جعفرِ بن إياسٍ، عن سعيدِ


(١) توعَّر المكان: صلُب. الوسيط (و ع ر).
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ١٢٢.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف. والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٧١ إلى المصنف.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "سفيان". وانظر الجرح والتعديل ٦/ ١١٥.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٧١ إلى المصنف.