للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَلَا تَقْفُ﴾: ولا تَرْمِ (١).

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

وهذان التأويلان متقاربا المعنى؛ لأن القولَ بما لا يَعلَمُه القائلُ يدخُلُ فيه شهادةُ الزورِ، ورمىُ الناسِ بالباطلِ، وادعاءُ سماعِ ما لم يَسْمَعْه ورؤيةِ ما لم يَرَهُ. وأَصلُ القَفْوِ: العَضَهُ والبَهْتُ. ومنه قولُ النبيِّ : "نحن بنو النضرِ بن كنانةَ لا نَقْفُو أُمَّنا، ولا نَنْتَفى من أَبِينا" (٢). وكان بعضُ البصريين يُنْشِدُ في ذلك بيتًا (٣).

وَمِثْلُ الدُّمَى شُمُّ العَرَانِينِ (٤) ساكنٌ … بهِنَّ الحَيَاءُ لا يُشِعْنَ التَّقافيا

يعنى بالتقافي: التقاذفُ.

ويُزعم أن معنى قولِه: ﴿وَلَا تَقْفُ﴾: لا تَتَّبعْ ما لا تعلَمُ ولا يَعْنِيك. وكان بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ الكوفةِ يَزْعُمُ أن أصلَه القيافةُ، وهى اتِّباعُ الأثرِ (٥)، وإذ (٦) كان كما ذكَروا وجَب أن تكونَ القراءةُ: (وَلا تَقُفْ) (٧) بضمِّ القافِ وسكونِ


(١) تفسير مجاهد ص ٤٣٦.
(٢) أخرجه أحمد ٥/ ٢١١، ٢١٢ (ميمنية)، وابن ماجه (٢٦١٢) من حديث الأشعث بن قيس.
(٣) هو النابغة الجعدى. والبيت في ديوانه (المجموع) ص ١٨٠.
(٤) العرانين: جمع عِرنين؛ وهو أول الأنف حيث يكون فيه الشمم. ويقال: هم شم العرنين: أعزة أباة.
لسان العرب والوسيط (ع ر ن).
(٥) معاني القرآن ٢/ ١٢٤.
(٦) في ص، ت،١، ت ٢ ف: "إذا".
(٧) هي قراءة معاذ القارئ البحر المحيط ٦/ ٣٦.