للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفاءِ، مثل: ولا تَقُلْ. قال: والعربُ تقولُ: قفوتُ أَثَرَه، وقُفْتُ (١) أَثَرَه. فتُقَدِّمُ أحيانًا الواوَ على الفاءِ (٢)، وتُؤَخِّرُها أحيانًا بعدَها، كما قيل: قاعَ الجملُ الناقةَ - إذا ركبها - وقَعَا. وعاث وعَثى. وأنشَد سماعًا من العربِ (٣):

ولَوْ أنى [رَمَيْتُكَ مِنْ قَرِيبٍ] (٤) … لعاقَكَ مِنْ دُعاءِ الذِّئْبِ (٥) عاقِى (٦)

يعني: عائقٌ. ونظائرُ هذا كثيرةٌ في كلامِ العربِ.

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: لا تَقُلْ للناسِ وفيهم ما لا علمَ لك به، فتَرْمِيهم بالباطلِ، وتَشْهَدَ عليهم بغيرِ الحقِّ، فذلك هو القَفْوُ. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوالِ فيه بالصوابِ؛ لأن ذلك هو الغالبُ من استعمالِ العربِ القفوَ فيه.

وأما قولُه: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾. فإن معناه: إن اللَّهَ سائلٌ هذه الأعضاءَ عما قال صاحبُها؛ من أنه سمِع أو أبصَر أو علِم، تَشْهَدُ عليه جوارحُه عند ذلك بالحقِّ.

وقال: ﴿أُولَئِكَ﴾. ولم يَقُلْ (٧): "تلك". كما قال الشاعرُ (٨):

ذُمَّ المَنازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى … والعَيْشَ بَعْدَ أُولَئِكَ الأَيَّامِ (٩)


(١) في ص، ت ١، ف: "قفيت"، وفي ت ٢: "قفوت".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "القاف".
(٣) البيت في معاني القرآن ٢/ ١٢٤، ولسان العرب (و ى ب، ع ن ق، ع و ق، ع ق ا).
(٤) في معاني القرآن: "رأيتك من بعيد".
(٥) في معاني القرآن: "النيب".
(٦) في النسخ: "عاق". والمثبت من معاني القرآن ليستقيم الاستشهاد بالبيت.
(٧) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "كل".
(٨) هو جرير، والبيت في شرح ديوانه ص ٥٥١.
(٩) في شرح الديوان: "الأقوام". وهو ما يشعر بعكس مراد المصنف في الاستشهاد بالبيت، وقد جاء البيت على الصواب في المقتضب ١/ ١٨٥، وشرح شواهد شرح الشافية للبغدادي ٤/ ١٦٧. يقول: قال العيني: =