للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفةِ العُبوديَّةِ لربِّه، كما أن مباينةَ محمدٍ ما كان مُباينًا له من الأشياءِ غيرُ موجبةٍ له صفةَ الرُّبوبيَّةِ، ولا مُخرِجتِه (١) من صفةِ العُبوديَّةِ لربِّه، من أجلِ أنه موصوفٌ بأنَّه له مبايِنٌ، كما أن اللَّهَ ﷿ موصوفٌ على قولِ قائلِ هذه المقالةِ بأنه مبايِنٌ لها، هو له مبايِنٌ. قالوا: فإذا كان معنى مبايِنٌ ومبايِنٍ لا يوجِبُ لمحمدٍ الخروجَ من صفةِ العُبودَةِ والدخولَ في معنى الربوبيَّةِ (٢)، فكذلك لا يوجِبُ له ذلك قعودُه على عرشِ الرحمنِ. فقد تبيَّن إذن بما قُلنا أنه غيرُ محالٍ في قولِ أحدٍ ممَّن ينتَحِلُ الإسلامَ ما قاله مجاهدٌ من أنَّ اللَّهَ يُقْعِدُ محمدًا على عرشِه.

فإن قال قائلٌ: فإِنَّا لا نُنكرُ إقعادَ اللَّهِ محمدًا على عرشِه، وإنما تُنكِرُ (٣) إقعادَه (٤).

- حدَّثني عباسُ بنُ عبدِ العظيمِ، قال: ثنا يحيى بنُ كثيرٍ، [عن سلمِ بن جعفرٍ] (٥)، عن الجُرَيرِيِّ، عن سَيفٍ السَّدُوسيِّ، عن عبدِ اللَّهِ بن سلَامٍ، قال: إن محمدًا يومَ القيامةِ على كرسيِّ الربِّ بينَ يدَيِ الربِّ (٦).

- وإنما تُنْكِرُ إِقْعادَه إِيَّاه معه.

قيل: أفجائزٌ عندَك أن يقعِدَه علَيه لا مَعه؟ فإن أجاز ذلك صار إلى الإقرارِ بأنَّه إمَّا معه، أو إلى أنَّه يقعِدُه، واللَّهُ للعرشِ مباينٌ، أو لا مماسَّ ولا مباينَ، وبأيِّ ذلك قال


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "مخرجه".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "العبودية".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أنكروا".
(٤) بعده في ت ١: "إياه معه، وبتأويل ذلك قال أهل التأويل، ذكر من قال ذلك".
(٥) سقط من: النسخ، والمثبت من السنة للخلال، وينظر تهذيب الكمال ١١/ ٢١٤.
(٦) أخرجه الخلال في السنة (٢٣٦، ٢٨٠، ٣٠٧) من طريق عباس بن عبد العظيم به، وأخرجه ٢٣٧، ٢٣٨، ٣٠٨، ٣٠٩) من طريق يحيى بن كثير به.