للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالُوا: ﴿لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾، حتى بلغ: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ﴾. وكان وَرِقُ ذلك الزمان كبارًا، فأرسلوا أحدهم يأتيهم بطعامٍ وشرابٍ، فلمَّا ذهب ليَخْرُجَ، ورأى على باب الكهف شيئًا أنكره؛ فأراد أن يرجع، ثم مضى حتى دخل المدينة، فأنكر ما رأى، ثم أخرج درهمًا، فنظروا إليه [فأنكروه، وأنكروا] (١) الدرهم، وقالوا: من أين لك هذا، هذا مِن وَرِقِ غير هذا الزمانِ؟ واجْتَمَعوا عليه يسألونه، فلم يزالوا به حتى انْطَلَقوا به إلى ملكهم، وكان لقومهم لوحٌ يكتبون فيه ما يكونُ، فنظروا في ذلك اللوح، وسأله الملكُ، فأخبره بأمره، ونظَروا في الكتاب متى فُقدوا (٢)، فاسْتَبْشَروا به وبأصحابه، وقيل له: انطلق بنا فأَرِنا أصحابك. فانطلق وانطلقوا معه؛ ليريهم، فدخل قبل القوم، فضرب على آذانهم (٣)، فقال الذين غلبوا على أمرِهم: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاق، قال: مرج أمرُ أهل الإنجيل وعظمت فيهم الخطايا وطغت (٥) فيهم الملوكُ، حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطَّواغيت، وفيهم على ذلك بقايا على أمر عيسى ابن مريمَ، مُتمسِّكُون بعبادةِ اللَّهِ وتوحيده، فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم، ملكٌ من الرومِ يُقالُ له: دَقْيانوس (٦). كان قد عبد الأصنام، وذبَح للطَّواغيت، وقتل من خالفه في ذلك ممن أقامَ على دينِ


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "فأنكروا وأنكر".
(٢) في م: "فقد".
(٣) ضرب على آذانهم كناية عن النوم. اللسان (ض ر ب)، والمراد هنا كما يقتضيه السياق الموت.
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٧ عن ابن حميد به مختصرا.
(٥) في ص: "طمعت".
(٦) في ص في هذا الموضع: "دقينوس" وفى بعض المواضع الآتية: "دقيانوس"، وفى ف: "دقينوش".
والمثبت كما سيأتي في بعض النسخ ومصدرى التخريج وعامة كتب التواريخ ينظر الكامل ١/ ٣٥٥، والمنتظم ٢/ ١٥٢، ١٥٣، والبداية والنهاية ٢/ ٥٦٣.