للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتَّخذوها مسجِدًا يُصلُّون فيه (١).

حدَّثنا الحسن بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، عن عكرمة، قال: كان أصحابُ الكهف أبناء ملوك الروم، رزَقهم الله الإسلام، فتعوَّذوا بدينِهم، واعتزلوا قومهم، حتى انتهَوا إلى الكهف، فضرب اللَّهُ على سُمْخانِهم (٢) فلبثوا دهرًا طويلًا، حتى هلكت أُمتُهم، وجاءت أُمةٌ مسلمةٌ، وكان ملكُهم مسلمًا، فاختلفوا في الروح والجسد؛ فقال قائلٌ: تُبعثُ الروحُ والجسدُ جميعًا.

وقال قائلٌ: تُبعثُ الروحُ، فأما الجسدُ فتأكلُه الأرضُ فلا يكون شيئًا. فشقَّ على ملكهم اختلافُهم، فانطلق فليس المُسُوحَ، وجلس على الرَّمادِ، ثم دعا الله تعالى فقال: أي ربِّ، قد تَرى اختلاف هؤلاء، فابعث لهم آيةٌ تُبَيِّنْ لهم. فبعث الله أصحاب الكهف، فبعثوا أحدهم يشترى لهم طعامًا، فدخل السوق، فجعل يُنكرُ الوُجوهَ، ويُعرفُ الطُّرق، ويرى الإيمان بالمدينة ظاهرًا، فانطلق وهو مُستَخْفٍ، حتى أتى رجلًا يشترى منه طعامًا، فلما نظر الرجلُ إلى الوَرِقِ أَنكرها. قال: حسِبتُ أنه قال: كأَنَّها أخفافُ الرُّبَعِ - يعنى الإبل الصِّغار - فقال له الفتى: أليس ملككم فلانٌ (٣)؟ قال: بل مَلِكُنا فلانٌ. فلم يزَلْ ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملكِ، فسأله، فأخبره الفتى خبر أصحابه، فبعث الملكُ في الناس فجمعهم، فقال: إنَّكم قد اختلَفْتُم في الرُّوح والجسد، وإنَّ الله قد بعث لكم آية؛ فهذا رجلٌ من قوم فلانٍ.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٩٧، ٣٩٩ وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٧ - ٩ مطولًا.
(٢) في م: "سمعهم"، وفى ت: "آذانهم" وفى ت ٢: "أسماعهم"، وفى ف: "سمناهم"، والسماخ: ثقب الأذن الذي يدخل فيه الصوت، ويقال بالصاد لمكان الخاء. النهاية ٢/ ٣٩٨.
(٣) في م: "فلانا".