للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى ملكهم الذي مضى، فقال الفتى: انطلقوا بى إلى أصحابى. فركب الملكُ، وركب معه الناسُ، حتى انتهى (١) إلى الكهفِ، فقال الفتى: دعونى أدخُلْ إلى أصحابى. فلمّا أبْصَرهم ضرب الله (٢) على أُذنِه وعلى آذانهم، فلما استبطئوه دخل الملك، ودخل الناس معه، فإذا أجسادٌ لا يُنكرون منها شيئًا، غير أنَّها لا أرواح فيها، فقال الملكُ: هذه آيةٌ بعثها الله لكم. قال قتادة: [وغزا ابن عباسٍ] (٣) مع حبيب بن مَسلَمةَ، فمرُّوا بالكهفِ، فإذا فيه عظامٌ، فقال رجلٌ: هذه عظامُ أصحاب الكهف. فقال ابن عباسٍ: لقد ذهبت عظامُهم منذ أكثر من ثلاثمائة سنةٍ (٤).

حدَّثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاق فيما ذكر من حديث أصحاب الكهف، قال: ثم ملك أهل تلك البلادِ رجلٌ صالحٌ، يقال له: تيذوسيسُ (٥). فلمّا ملك بقى في (٦) ملكه ثمانيًا وستِّين سنةً، فتحزَّب الناسُ في ملكه، فكانوا أحزابًا، فمنهم من يُؤْمِنُ بالله ويعلَمُ أنَّ الساعةَ حقٌّ، ومنهم من يُكذِّبُ بها (٦)، فكبُر ذلك على الملك الصالح تيذوسيس، وبكى إلى الله وتضرَّع إليه، وحزن حزنًا شديدًا لما رأى أهل الباطل يزيدون ويظهرون على أهل الحقِّ ويقولون: لا حياة إلا الحياةُ الدُّنيا، وإنما تُبعثُ النُّفوسُ، ولا تُبعثُ الأجسادُ. ونسُوا ما في الكتاب، فجعل تيذوسيسُ يُرسل إلى من يظُنُّ فيه خيرًا، وأنَّهم أئمةٌ في الحقِّ، فجعلوا يُكَذِّبون (٧) بالساعة، حتى كادوا أن يُحوِّلوا الناس عن الحقِّ وملة الحواريين، فلمّا رَأى ذلك الملكُ


(١) في م: "انتهوا".
(٢) سقط من: ص، م، ف.
(٣) في م: "وعن ابن عباس كان قد غزا".
(٤) تفسير عبد الرزاق، ١/ ٣٩٥، ٣٩٦، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٩، ١٠.
(٥) هنا وفيما يأتى في ص: "تيدوسيس"، وفى ف: "بيذوسيس".
(٦) سقط من: م.
(٧) بعده في ت ١: "الناس ويكذبون".