للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك. فلما نُبِّئ (١) به أهلُ المدينةِ ركبوا إليه، وسارُوا معه حتى أَتَوْا مدينةً أُفْسُوسَ، فتلقَّاهم أهل المدينة، وسارُوا معه حتى أصعدوا (٢) نحو الكهف حتى أتوه، فلما رأى الفتية تيذوسيس فرحوا به، وخرُّوا سجودًا على وجوههم، وقام تيذوسيسُ قُدَّامَهم، ثم اعتنقهم وبكى، وهم جُلوس بين يديه على الأرضِ يُسبحون الله ويَحمَدونه، ويقولُ (٣): والله ما أشبه بكم إلا الحواريون (٤) حين رأوُا المسيح. وقال: فرَّج الله عنكم، كأنَّكم الذين تُدْعَون فتُحْشَرُون مِن القُبورِ. فقال الفتية لتيذوسيس: إنا نُودِّعُك السلام، والسلام عليك ورحمة الله، حفظك الله، وحفظ لك مُلكَك بالسلام، ونُعيذُك باللَّهِ مِن شر الجنِّ والإنس، فآمن (٥) بعيشٍ مِن [خُلد وشيكٍ] (٦)، إن أسوأ ما سلك في بطن الإنسان أن لا يعلم شيئًا، لا (٧) كرامةً إن أُكرم بها، ولا هوانًا إن أُهين به. فبينما الملكُ قائمٌ، إذ رجعوا إلى مضاجِعِهم فنامُوا، وتوفَّى اللَّهُ أنفسهم بأمره، وقام الملك إليهم فجعل ثيابه (٨) عليهم، وأمر أن يُجْعَلَ لكلِّ رجلٍ (٩) منهم تابوتٌ من ذهبٍ، فلما أَمْسَوْا ونام، أتوه في المنام فقالوا: إنا لم نُخْلَقْ مِن ذهبٍ ولا فِضةٍ، ولكنَّا خُلِقْنا من ترابٍ وإلى التراب نصيرُ، فاترُكنا كما كنا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله منه. فأمر الملك حينئذٍ بتابوتٍ من ساجٍ (١٠) فجعلوهم فيه،


(١) في م: "نبأ".
(٢) في م: "صعدوا". وكلاهما بمعنى.
(٣) في ت ١، ت ٢: "يقولون".
(٤) في ص: "الحراد"، وفى ت ٢ ف: "الجراد".
(٥) في م: "فأمر".
(٦) في م: "خُلَّر ونشيل".
(٧) في ص، م، ف: "إلا".
(٨) في ت ١: "ثيابهم".
(٩) في ت ٢، ف: "واحد".
(١٠) الساج: ضرب عظيم من الشجر، قال الزمخشرى: الساج خشب أسود رزين، ولا تكاد الأرض تبليه. التاج (س و ج).