للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال الله عزَّ ذكرُه: ولبث أصحابُ الكهف في كهفهم رُقودًا إلى أن بعثهم الله ليتسَاءَلُوا بينهم، وإلى أنْ أعْثَر عليهم من أعْثَر، ثلاثمائة سنين (١) وتسع سنين، وذلك أنَّ الله بذلك أخبر في كتابه. وأما الذي ذكر عن ابن مسعودٍ أنه قرأه: (وقَالُوا ولبثوا في كَهْفِهِم). وقولُ من قال: ذلك من قول أهل الكتاب، وقد رَدَّ اللهُ ذلك عليهم. فإنَّ معناهم (٢) في ذلك، إن إِنَّ شاء الله، كان أن أهل الكتاب قالوا فيما ذُكر، على عهد رسول الله : إنَّ للفتية مِن لَدُنْ دخلوا الكهف إلى يومنا ثلاثمائةٍ سنين وتسع سنين. فردَّ اللهُ ذلك عليهم، وأخبر نبيَّه أنَّ ذلك قدر لُبثهم في الكهف من لَدُنْ أوَوْا إليه (٣) إلى أن بعثهم ليتساءلوا بينهم. ثم قال جلَّ ثناؤُه لنبيِّه : قل يا محمدُ: الله أعلمُ بما لبثوا بعد أن قبض أرواحهم، من بعد أن بعثهم من رقْدَتِهم إلى يومهم هذا، لا يعلمُ ذلك (٤) غيرُ الله، وغيرُ مَن أعلمه الله ذلك.

فإن قال قائلٌ: وما يدلُّ على أن ذلك كذلك؟

قيل: الدالُّ على ذلك أنَّه جلَّ ثناؤُه ابتدأ الخبر عن قدر لُبثِهم في كهفهم ابتداءً، فقال: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾. ولم يَضَعْ دليلًا على أنَّ ذلك خبرٌ منه عن قول (٥) قوم قالوه، وغيرُ جائزٍ أن يُضاف خبرُه عن شيءٍ إلى أنه خبرٌ عن (٦) غيره بغيرِ بُرهان؛ لأنَّ ذلك لو جاز [في شيء] (٧)، جاز في


(١) سقط من: ص، ت ١.
(٢) في م، ت ٢: "معناه".
(٣) في ت ١، ف: "إلى الكهف".
(٤) في م: "بذلك".
(٥) في ص، ت ١، ف: "قوله".
(٦) في ص، ف: "من".
(٧) سقط من: ص، م.