للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: فكذلك قولُه: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾. إنما معناه: فقلوبُهم لا تَخرُجُ من أحدِ هذين المَثَليْنِ؛ إمّا أن تكونَ مَثلًا للحجارةِ في القسوةِ، وأما أن تكونَ أشدَّ منها قسوةً. ومعنى ذلك على هذا التأويلِ: فبعضُها كالحجارةِ قسوةً، وبعضُها أشدُّ قسوةً من الحجارةِ.

وقال بعضُهم: "أو" في قوله: ﴿أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾. بمعنى: وأشدُّ قسوةً. كما قال : ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٢٤]. بمعنى: وكفورًا. وكما قال جريرُ بنُ عطيةَ (١)؛

نال الخلافةَ أوْ كانَتْ له قَدَرًا … كمَا أتَى رَبَّهُ موسى على قَدَرِ

يعنى: نال الخلافةَ وكانت له قَدَرًا. وكما قال النابغةُ (٢):

قالَتْ [ألا لَيْتَما] (٣) هَذَا الحَمامُ لَنا … إلى حَمامَتِنا أوْ (٤) نِصْفُهُ فَقَدِ (٥)

يريدُ: ونصفُه.

وقال آخَرون: "أو" في هذا الموضعِ بمعنى "بل". فكان تأويلُه عندَهم: فهى كالحجارةِ بل أشدُّ قسوةً. كما قال جل ثناؤه: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾. بمعنى: بل يزيدون (٦).


(١) تقدم البيت في ١/ ٣٥٥.
(٢) ديوانه ص ١٦.
(٣) في الديوان: "فياليتما".
(٤) في الديوان: "و".
(٥) فقد: حسب. اللسان (ق د د).
(٦) ينظر معانى القرآن للفراء ١/ ٧٢.