للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا﴾. أي: ممتَنِعًا (١).

وقولُه: ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾. يقولُ عزَّ ذكرُه: ثَمَّ، وذلك حينَ حلَّ عذابُ الله بصاحبِ الجَنَّتَينِ في القيامةِ.

واختلَفتِ القرأة في قراءة قوله: ﴿الْوَلَايَةُ﴾؛ فقرَأ بعضُ أهلِ المدينةِ والبصرةِ والكوفةِ: ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ﴾، بفتحِ الواوِ من ﴿الْوَلَايَةُ﴾ (٢) يعْنُون بذلك: هُنالِك المُوالاةُ للَّهِ. كقولِ اللهِ: ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥٧]. وكقولِه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [محمد: ١١]. يذهَبون بها إلى الوَلايةِ في الدِّينِ. وقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ الكوفةِ: (هُنالك الوِلايَةُ). بكسرِ الواوِ (٣)، من المُلْكِ والسُّلطانِ، من قولِ القائلِ: وَلِيتُ عملَ كذا، أو بلْدةَ كذا أَلِيه وِلايَةً.

وأولى القراءتين في ذلك بالصوابِ قراءةُ من قرَأ بكسرِ الواوِ، وذلك أَنَّ اللهَ عقَّبَ ذلك خبرَه عن مُلكِه وسُلطانِه، وأن مَن أحَلَّ به نِقْمَتَه يومَ القيامةِ فلا ناصرَ له يومئذٍ، فإتْباعُ ذلك الخبرَ عن انفرادِه بالمملكةِ والسلطانِ أولى من الخبرِ عن المُوالاةِ التي لم يجرِ لها ذكرٌ، ولا معْنًى لقولِ من قال: لا يُسمَّى سلطانُ اللهِ ولايةً، وإنما يُسمَّى ذلك سلطانُ البشرِ؛ لأنَّ الولايةَ معناها أنَّه يَلى أمرَ خلقِه منفردًا به دونَ جميعِ خَلْقِه، لا أنه يكون أميرًا عليهم.

واخْتلَفوا أيضًا في قراءةِ قولِه: ﴿الْحَقِّ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرَأةِ المدينةِ والعراقِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٢٤ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم ونافع وابن عامر. حجة القراءات ص ٤١٨.
(٣) وهى قراءة حمزة والكسائي. حجة القراءات ص ٤١٨.