للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السفنِ شيءٌ أحسنُ ولا أجملُ ولا أوثقُ منها، فسأَلا أهلَها أن يحمِلوهما، فحمَلوهما، فلما اطمأَنَّا فيها، ولَجَّجَتْ (١) بهما مع أهلِها، أخرَج مِنْقَارًا له ومِطْرَقةً، ثم عمَد إلى ناحيةٍ منها فضرَب فيها بالمِنْقارِ حتى خرَقها، ثم أخَذ لوحًا فطبَّقه عليها، ثم جلَس عليها يَرْقَعُها. قال له موسى - [ورأَى أمرًا أُفْظِع به] (٢) -: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾: [حمَلونا وآوَونا إلى سفينتِهم، وليس في البحرِ سفينةٌ مثلُها، فلِمَ خرَقتها لتغرِقَ أهلَها؟ لقد جئتَ شيئًا إمرًا] (٣)، ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾. أى: بما ترَكتُ من عهدِك، ﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾. ثم خرَجا من السفينةِ، فانطلَقَا حتى أتَيا أهلَ قريةٍ، فإذا غِلْمَانٌ يلعبون خَلْفَها، فيهم غلامٌ ليس في الغلمانِ غلامٌ أظرفُ ولا أَثْرَى (٤) ولا أَوْضَأُ منه، فأَخَذ (٥) بيدِه، وأخَذ حجرًا. قال: فضرَب به رأسَه حتى دمَغه فقتلَه. قال: فرأَى موسى أمرًا فظيعًا لا صبرَ عليه، صبيٌّ صغيرٌ قتَله (٦) لا ذنبَ له، ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً (٧)﴾. أى: صغيرةً ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾. أى: قد أُعذِرْتَ في شأني. ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ


(١) في م: "لجت". ولَجَّجت السفينة، أي: خاضت اللُّجة. اللسان (ل ج ج).
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ف، ونسخة من تاريخ المصنف: "ورأى أمرا فظع به"، وفي نسخ منه: "فأى أمر أفظع من هذا".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٤) في الأصل: "أنزى"، وفي ف: "أبرا"، وفي التاريخ: "أنزف".
(٥) في ص، م، ت ١، ف: "فأخذه".
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "زاكية".