للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْقَضَّ﴾ فهدَمه، ثم قعد يَبْنِيه، فضجر موسى مما رآه يصنَعُ من التكلُّفِ (١) لما ليس عليه صبرٌ، فقال: ﴿قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ (٢) عَلَيْهِ أَجْرًا﴾. أى: قد استطعَمناهم فلم يُطْعِمُونا، وضِفْناهم فلم يُضيِّفُونا، ثم قعَدتَ تعمَلُ (٣) فِي غيرِ ضَيْعةٍ (٤)، ولو شِئْتَ لأُعْطِيتَ عليه أجرًا في عملِه! ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٧٨) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ (٥) غَصْبًا﴾ - وفي قراءةِ أبيِّ بنِ كعبٍ: (كلَّ سَفِينَةٍ صالِحَةٍ) (٦) -وإنما عِبتُها لأَرُدَّه عنها، فسَلِمَتْ منه حينَ رأَى العيبَ الذى صنَعتُ بها، ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾. أى: ما فعلتُه عن نفسى، ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾. فكان ابنُ عباسٍ يقولُ: ما كان الكنزُ إلا علمًا (٧).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، قال: ثني ابنُ إسحاقَ، عن الحسنِ بنِ عُمارةَ، عن أبيه، عن عكرمةَ، قال: قيل لابنِ عباسٍ: لم نَسمَعْ لفتى موسى بذكرٍ من حديثٍ، وقد كان معه؟ فقال ابنُ عباسٍ -فيما يَذْكُرُ من حديثِ الفتى- قال:


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "التكليف".
(٢) في ص: "لتخِذت". وهما قراءتان، وسيذكرهما المصنف في ص ٣٥١.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٤) في م، ونسخة من التاريخ: "صنيعة". والضيعة: الحرفة. اللسان (ض ى ع).
(٥) بعده في الأصل: "صالحة".
(٦) هذه القراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.
(٧) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٧٢ - ٣٧٥.