للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾. يقولُ: وكان أمامَهم وقُدّامَهم ملِكٌ.

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾. قال قتادةُ: أمامَهم، ألا تَرى أنه يقولُ: ﴿مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ [الجاثية: ١٠]. وهى بينَ أيدِيهم (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: كان في بعضِ (٢) القراءةِ: (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ غَصْبًا).

وقد ذُكِر عن ابنِ عُيَينةَ، عن عمرٍو، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ أنه قرَأ ذلك: (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ) (٣).

قال أبو جعفرٍ: وقد جعل بعضُ أهلِ المعرفةِ بكلامِ العربِ (٤) "وراءَ" من حروفِ الأضدادِ، وزعَم أنه يَكُونُ لِمَا هو أمامَه ولِمَا خلفَه، واستَشهَد لصحةِ ذلك بقولِ الشاعرِ (٥):

أتَرْجُو (٦) بَنُو مَرْوَانَ سَمْعى وطاعَتِي … وَقَوْمى تَمِيمٌ والفَلَاةُ وَرَائِيا


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٤٠٧.
(٢) ليست في: ص، ت ١، ت ٢، ف، م، وهذه القراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.
(٣) جزء من حديث طويل أخرجه البخارى (٣٤٠١، ٤٧٢٦)، ومسلم (٢٣٨٠/ ١٧٠) من طريق سفيان ابن عيينة به، وأخرجه عبد الله بن أحمد فى علل أبيه ١/ ١٠٢ من طريق عمرو به.
(٤) يريد أبا عبيدة فى مجاز القرآن ١/ ٣٣٧، ٤١٢، ٢/ ٤١، ٦٢، ٢٨٠، وينظر الأضداد ص ٦٨.
(٥) اختلف في نسبته؛ فتارة إلى سَوّار بن المُضَرِّب، وتارة إلى مساور بن حمئان، وتارة إلى جرير، وتارة إلى الفرزدق.
ينظر التاج واللسان (ورى)، ومجاز القرآن ١/ ٣٣٧، ٤١٢، ٢/ ١، ٦٢، ٢٨٠، والجمهرة ١/ ١٧٧، ٣/ ٤٩٥، والكامل ٢/ ١٠٢.
(٦) في الأصل، ص، م: "أيرجو".