للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾: فكانوا يَسْمَعون مِن ذلك كما يَسْمَعُ أهلُ النُّبوةِ، ثم يُحَرِّفونه مِن بعدِ ما عقَلوه وهم يَعْلَمون (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ في قولِه: ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ﴾ الآية. قال: ليس قولُه: ﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ﴾: يَسْمَعون التوراةَ، كلُّهم قد سمِعها، ولكنَّهم الذين سألوا موسى رؤيةَ ربِّهم فأخَذَتْهم الصاعقةُ فيها (٢).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: بلَغنى عن بعضِ أهلِ العلمِ أنهم قالوا لموسى: يا موسى، قد حِيلَ بيننا وبينَ رؤيةِ اللهِ ﷿، فأَسْمِعْنا كلامَه حين يُكَلِّمُك. فطلَب ذلك موسى إلى ربِّه، فقال: نعم، فَمُرْهم فليتَطَهَّروا، ولْيُطَهِّروا ثيابَهم، ويَصُوموا. ففعَلوا، ثم خرَج بهم حتى أتَى الطُّورَ، فلما غَشِيهم الغَمامُ أمرَهم موسى فوقَعوا سجودًا، وكلَّمه ربُّه، فسمِعوا كلامَه يَأْمُرُهم ويَنْهاهم، حتى عَقَلوا ما سمِعوا، ثم انْصَرف بهم إلى بنى إسرائيلَ، فلما جاءوهم حرَّف فريقٌ منهم ما أمَرهم به، وقالوا حين قال موسى لبنى إسرائيلَ: إن اللهَ قد أمرَكم بكذا وكذا. قال ذلك الفريقُ الذى ذكَرهم اللهُ: إنما قال كذا وكذا. خلافًا لِما قال اللهُ ﷿ لهم، فهم الذين عَنَى اللهُ لرسولِه محمدٍ (٣).

وأَوْلى التأويلين اللذين ذكرتُ بالآيةِ وأَشْبَهُهما بما دلَّ عليه ظاهرُ التلاوةِ، ما قاله الربيعُ بنُ أنسٍ، والذى حكاه ابنُ إسحاقَ عن بعضِ أهلِ العلمِ، مِن أن اللهَ تعالى


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٤٨ (٧٧١) من طريق ابن أبى جعفر به.
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٤٨ (٧٧٠) من طريق سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبى محمد، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
(٣) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٤٨ (٧٧٢) من طريق سلمة به، إلى قوله: ثم انصرف بهم إلى بنى إسرائيل. وذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٦٤ عن ابن إسحاق به، مطولا.