للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومأجوجَ؛ فلمَّا كان في بعضِ الطريقِ مما يَلِى مُنقَطَعَ التُّركِ نحوَ المَشرقِ، قالت له أمَّةٌ من الإنسِ صالحةٌ: يا ذا القرنَين، إن بينَ هذين الجَبلَين خَلقًا مِن خلقِ اللهِ كثيرًا، فيهم مُشَابَهَةٌ مِن الإِنسِ، وهم أشبَاهُ البهائمِ، يَأكُلون العُشبَ، ويَفتَرِسون الدَّوابَّ والوحوشَ كما تَفتَرِسُها السَّباعُ، ويأكُلون خَشاشَ (١) الأرضِ كلِّها مِن الحَيَّاتِ والعقاربِ، وكلَّ ذى رُوحٍ مما خُلِق في الأرضِ، وليس للهِ خَلَقٌ يَنمِي (٢) نَماءَهم في العامِ الواحدِ، ولا يَزدادُ كزيادَتِهم، ولا يَكثُرُ ككَثْرتِهم، فإن كانت لهم مُدَّةٌ على ما نَرَى مِن نمائِهم وزيادَتِهم، فلا شكَّ أنّهم سيَملَئون الأرضَ، ويُجلُون أهلَها منها (٣) ويَظهَرون عليها، فيُفسِدون فيها، وليست تمرُّ بنا سنةٌ منذُ جاوَرناهم إِلَّا ونحنُ نتوقَّعُهم، وننتظِرُ أن يطلُعَ علينا أوائلُهم من بين هذيْن الجبَلَين، ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾، أعِدُّوا لى الصُّخورَ والحديدَ والنُّحاسَ؛ حتى أرتادَ بلادَهم، وأعلمَ عِلمَهم، وأَقِيسَ ما بينَ جبلَيهم. ثم انطلَق يَؤمُّهم حتى دفَعَ إليهم وتَوسَّطَ بلادَهم، فوجَدَهم على مِقدارٍ واحدٍ، ذَكَرَهم وأُنثاهم، يَبلُغُ (٤) طولُ الواحدِ مِنهم مثلُ نصفِ الرَّجلِ المَربوعِ منَّا (٥)، لهم مَخَالبُ في موضعِ الأظفارِ من أيدِينا، وأضرَاسٌ وأنيابٌ كأضراسِ السِّباع وأنيابِها، [وأحناكٌ كأحناكِ] (٦) الإبلِ


(١) في الأصل، ص، ت ٢: "قشات"، وفى ت ١، ف: "قشات". والخشاش: هوام الأرض وحشراتها ودوابها وما أشبهها. اللسان (خ ش ش).
(٢) في م: "ينمو"، وهما بمعنًى.
(٣) في ص، م، ت ١، ف: "عنها". وكلاهما صواب.
(٤) في م، ت ١: "مبلغ".
(٥) المربوع: الرجل بين الطُّول والقِصَر. ينظر القاموس المحيط (ر ب ع).
(٦) في الأصل: "وأحناك"، وفى ص، ت ١، ت ٢، ف: "وأخفاف".