للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واشتاق، ثم يقالُ: تحنَّنَ فلانٌ على فلانٍ. إذا وُصِف بالتعطُّفِ عليه والرقة به والرحمة له، كما قال الشاعر (١):

تحَنَّنْ علَيَّ هَدَاكَ المَلِيكُ … فإِنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالا

بمعنى: تعطَّف عليَّ. فالحنانُ مصدرٌ من قول القائل: حنَّ فلانٌ على فلانٍ. يقال منه: حنَنْتُ عليه، فأنا أحِنُّ عليه حنينا وحنانًا، ومن ذلك قيل لزوجة الرجلِ: حَنَّتُه. لتَحَنُّنِه عليها وتعطُّفِه، كما قال الراجز (٢):

ولَيْلَةٍ ذَاتِ دُجًى سَرَيْتُ

ولَمْ تَضِرْنِي حَنَّةٌ وَبَيْتُ

وقوله: ﴿وَزَكَاةً﴾. يقول تعالى ذكرُه: وآتَيْنا يحيى الحكم صبيًّا، ﴿وَزَكَاةً﴾. وهو الطهارة من الذنوبِ، واستعمالُ بدنه في طاعة ربِّه، فالزكاةُ عطفٌ على الحكم من قوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ﴾.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿وَزَكَاةً﴾. قال: الزكاةُ: العمل الصالح (٣).


(١) تقدم في ١/ ١٦٧ بغير هذه الرواية، وفيه: "ولا تعجلنى هداك المليك". وينظر تخريجه ثمَّ.
(٢) تقدم في ١٤/ ٤١٣، ورواية البيت الثانى مختلفة عما هنا قال:
ولم يلتني عن سُراها ليت
وسيأتى الاستشهاد بهذين البيتين في تفسير "الحجرات" آية ١٤ باختلاف يسير، وقد نسبهما المصنف إلى رؤبة وليسا في ديوانه، وهما منسوبان في اللسان (ل ى ت، ح ن ن) إلى أبي محمد الفقعسى.
(٣) ينظر التبيان ٧/ ١٠٠، وتفسير ابن كثير ٥/ ٢١١.