للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشجرَ حتى استعان عليه بالماءِ، ولولا ذلك لم يَقدر على إنباته؟! قال يوسف لها: لا أقولُ هذا، ولكنّى أَعلَمُ أن الله بقدرته على (١) ما يشاء، يقولُ لذلك: كنْ. فيكونُ. قالت مريمُ: أوَ لَم تَعْلَمْ أَنَّ الله خلق آدمَ وامرأته من غيرِ أُنثى ولا ذَكَرٍ؟! قال: بلى. فلمَّا قالت له ذلك، وقع في نفسِه أن الذى بها شيءٌ مِن الله ، وأنَّه لا يَسعُه أن يسألها عنه، وذلك لما رأى من كتمانها لذلك، ثم تَولَّى يوسُفُ خدمة المسجدِ، وكَفَاهَا كُلَّ عَمَلٍ كانتْ تَعْمَلُ فيه؛ وذلك لما رأى من رقَّةِ جسمِها، واصفرار لونها، وكلف وجهها، ونتوء (٢) بطنها، وضعف قوَّتِها، ودأب نظرها، ولم تكن مريم قبل ذلك كذلك؛ فلمَّا دَنا نِفاسُها أَوحَى الله إليها أن اخرُجى من أرض قومك، فإنهم إن ظَفِرُوا بكِ عيَّروكِ وقتَلوا ولدَكِ، فأفضَتْ ذلك إلى أُختِها، وأختها حينئذٍ حُبْلَى، وقد بُشِّرَتْ بيحيى، فلما التقتا وجدتْ أمُّ يحيى ما في بطنها خرَّ لوجهه ساجدًا مُعترِفًا بعيسى (٣)، فاحتملها يوسف إلى أرضِ مصرَ على حمار له، ليس بينَها حين ركبت الحمار (٤) وبين الإكافِ شيء، فانطلق يوسف بها حتى إذا كان متاخِمًا لأرضِ مصر في مُنقَطَعِ بلادِ قومها، أدرك مريمَ النِّفَاسُ، فألجأها إلى آرِىِّ حمارٍ -يَعنى مذود الحمارِ- وأصل نخلةٍ، وذلك في زمان [بردٍ أو حرٍّ -الشكُّ مِن أبي جعفرٍ] (٥) - فاشتدَّ على مريم المخاضُ، فلما وجدتْ منه شدَّة التجأت إلى النخلةِ


(١) في ت ١، ف: "علم".
(٢) في الأصل: "بناء"، وفى ص، ف: "ىىا"، وفي ت ١: "بنا"، وفي ت ٢: "نبل". وينظر مصدر التخريج.
(٣) في ص، م، ت ٢: "لعيسى".
(٤) سقط من: م.
(٥) في الأصل: "برد أو حر، يحسبه أبو جعفر". وفي ص، ت ١: "أحسبه برد أو حر". وفى م: "أحسبه بردًا أو حرًّا، الشك من أبي جعفر". وفي مصدر التخريج: "الشتاء".