للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلفت القرأة فى قراءةِ قوله: ﴿وَقَرِّي﴾؛ فأَمَّا أهل المدينة فقرءوه ﴿وَقَرِّى﴾ بفتح القافِ على لغةِ مَن قال: قَرِرْتُ بالمكان أقرُّ به، وقرِرتُ به (١) عينًا، أقرُّ به قُرُورًا (٢). وهي لغة قريش، فيما ذُكر لى، وعليها القرأة (٣)، وأما أهل نجدٍ، فإنها تقولُ: قَرَرتُ به عينًا أقِرُّ به قرارًا، وقَرَرْتُ بالمكان أقرُّ به. فالقراءةُ على لغتهم: (وقِرِّى عَيْنًا) بكسر القافِ (٤)، والقراءة عندنا على لغة قريشٍ بفتح القاف.

وقولُه: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا﴾. يقولُ: فإن رأيتِ من بني آدم أحدًا يُكلّمُكِ أو يسائِلُكِ عن شيءٍ مِن أمرك وأمر ولدِكِ وسبب ولادتِكِه، ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾. يقولُ: فقولي له (٥): إنى أوجبتُ على نفسى للهِ صمتًا (٦) ألَّا أُكلِّم أحدًا من بنى آدمَ اليومَ ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾. وبنحو الذى قُلنا في معنى الصومِ قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: سمعتُ أنس بن مالكٍ يقولُ فى هذه الآية: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾. قال: صمتًا (٧).

حدَّثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حجاج، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني المغيرة بن عثمانَ، قال: سمعتُ أنس بن مالك يقولُ:


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ف.
(٢) في ص، ت ١، ف: "قررا".
(٣) في م: "القراءة".
(٤) هي قراءة شاذة.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ف.
(٦) فى ص، ت ١، ف: "صوما".
(٧) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٢٠.