للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعيسى كالنعت له، وليس الأمرُ في إعرابه عندى على ما قاله الذين زعموا أنه رُفع على النعت لعيسى، إلا أن يكون معنى القول الكلمة؛ على ما ذكرنا عن إبراهيم من تأويله ذلك كذلك، فيصحَّ حينئذٍ أن يكونَ نعتًا لعيسى، وإلا فرفعُه عندى بمضمرٍ، وهو: هذا قولُ الحقِّ. على الابتداء، وذلك أن الخبر قد تناهى عن قصة عيسى وأمِّه عند قوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ ثم ابتُدئ (١) الخبرُ بأنّ الحقَّ فيما فيه تمترى الأممُ من أمر عيسى هو هذا القولُ الذى أخبر الله به عنه عباده دون غيره.

وقرأ ذلك عاصم بن أبى النجودِ وعبد الله بن عامر بالنصب (٢)، وكأنهما أرادا بذلك المصدر: ذلك عيسى ابن مريم قولًا حقًّا. ثم أُدخلت فيه الألفُ واللام.

وأما ما ذُكر عن ابن مسعودٍ في قراءته: (ذلك عيسى ابن مريم قالُ الحقِّ (٣)). فإنه بمعنى قول الحقِّ، مثل العابِ والعيب، والذامِ والذَّيْمِ.

والصوابُ من القراءةِ في ذلك عندنا الرفع (٤)؛ لإجماع الحجة من القرأة عليه.

وأما قوله تعالى ذكرُه: ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾. فإنه يعنى: الذي فيه يختصمون ويختلفون، من قولهم: مارَيتُ فلانًا. إذا جادلته وخاصمته.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "ابتدأ".
(٢) السبعة لابن مجاهد ص ٤٠٩.
(٣) في الأصل: "الله".
(٤) القراءتان كلتاهما صواب.