للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن أتاكَ نَعِيِّى فَانْدُبَنَّ أَبًا … قَد كادَ يَضْطَلِعُ الأعْداءَ والخُطَبَا

وقال: يكونُ المعنى: قد اضْطَلَعَ الأعداءَ. وإلا لم يَكُنْ مدْحًا إذا أراد: كاد ولم (١) يفعَلْ.

وقال آخرون: بل معنَى ذلك: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ﴾. قال: وانتهَى الخبرُ عندَ قولِه ﴿أَكَادُ﴾. لأنَّ معناه: أكادُ أن آتِىَ (٢) بها. قال: ثم ابتَدَأ فقال: ولكِنِّي أُخْفِيها لتُجْزَى كلُّ نفسٍ بما تَسْعَى. قال: وذلك نظيرُ قولِ ابن ضابئٍ (٣):

هَمَمْتُ ولمْ أفْعَلْ وكِدْتُ ولَيَتَنِي … ترَكْتُ على عثمانَ تَبْكِي حلائلُهْ (٤)

فقال: كِدْتُ. ومعناه: كِدْتُ أَفْعَلُ.

وقال آخرون: معنى: ﴿أُخْفِيهَا﴾: أُظْهِرُها. وقالوا: الإخفاءُ والإسرارُ قد تُوجِّهُهما العربُ إلى معنى الإظْهارِ. واسْتَشْهَد بعضُهم لِقيلِه ذلك ببيتِ الفرزدقِ (٥):

فلَمَّا رأى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيفَهُ … أسَرَّ الحَرُورِيُّ الَّذِي كَانَ أَضْمَرَا

وقال: عَنَى بقولِه: أسرَّ: أَظْهَرَ. قال: وقد يجوزُ أن يكونَ معنَى قولِه: ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾ [سبأ: ٣٣]: وأَظْهَرُوها. قال: وذلك لأنَّهم قالوا: ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾ [الأنعام: ٢٧].

وقال جميعُ هؤلاءِ الذين حَكَيْنا قولَهم: جائزٌ أن يكونَ قولُ مَن قال: معنى


(١) بعده في ص، م، ت ١، ف: "يرد".
(٢) في ص، ف: "أراني".
(٣) البيت لضابئ البُرْجُمى وليس لابنه وهو عمير بن ضابئ، كما في طبقات فحول الشعراء ١/ ١٧٤، والكامل للمبرد ١/ ٣٨٢، والأضداد ص ٩٧ وينظر تاريخ المصنف ٦/ ٢٧.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف "أقاربه".
(٥) الأضداد ص ٤٦، واللسان (س ر ر).