للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجْهِ الانْتِزاعِ من كلامِ العربِ، من غيرِ أن يَعْزوَه إلى إمامٍ من الصحابةِ أو التابعين، وعلى وجْهِ تحميلِ (١) الكلامِ غيرَ وجْهِه المعروفِ، فإنهم اخْتَلَفوا في معناه بينَهم؛ فقال بعضُهم: معناه: أريدُ أُخْفِيها. قال: وذلك معروفٌ في اللغةِ، وذكَر أنه حُكِى عن العربِ أنَّهم يقولون: أولئك أصحابي الذين أكادُ أُنزِلُ عليهم. وقال: معناه: لا أنزلُ إلَّا علَيهم. قال: وحُكِي: أكادُ أَبْرحُ مَنزِلي، أي: ما أبرحُ مَنْزِلى. واحتجَّ ببيتٍ أنشَدَه لبعضِ الشعراءِ (٢):

كادَت وكِدْتُ وتلكَ خَيرُ إرادَةٍ … لو عادَ مِن لهوِ (٣) الصَّبابَةِ مَا مَضَى

وقال: يريدُ بـ "كادَتْ": أرادَت. قال: فيكونُ المعنى: أُريدُ أُخْفِيها لتُجْزَى كلُّ نفسٍ بما تَسْعَى. قال: ومما يُشْبِهُ ذلك قولُ زيدِ الخَيْلِ (٤):

سَريعٌ إلى الهَيْجاءِ شاكٍ سِلاحُهُ … فَمَا إِنْ يَكادُ قِرْنُه يتنَفَّسُ

وقال: كأنَّه قال: فما يَتَنفَّسُ قِرْنُه. وإِلَّا ضَعُف المعنى. قال: وقال ذو الرُّمَّةِ (٥):

إذا غَيَّرَ النَّأْيُ المُحِبِّين لم يَكَدْ … رَسِيسُ الهَوَى مِن حُبِّ مَيَّةَ يَبْرَحُ

وقال: ليس المعنى: لم يَكَدْ يبرحٌ. أي: بعدَ بَيْنٍ (٦) يبرحُ وبعدَ عُسْرٍ. وإنَّما المعْنى: لم يَبْرَحْ. أو: لم يُرِدْ يَبْرَحُ. وإلا ضَعُف المعنى. قال: وكذلك قولُ أبي النَّجْمِ (٧):


(١) في ص، ت ١، ت ٢، م، ف: "يحتمل".
(٢) البيت في الأضداد ص ٩٧، واللسان (ك ى د) غير منسوب.
(٣) في م: "عهد".
(٤) البيت في الأضداد ص ٩٧، واللسان (ك ي د).
(٥) ديوانه ٢/ ١١٩٢.
(٦) في الأصل: "شر"، وفي م: "يسر".
(٧) الأضداد ص ٩٧.