للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أُخْبِرتُ عن أبي عبيدةَ معمرِ بن المثنى (١)، قال: أنشَدني غالبٌ النُّفَيْليُّ للقُطامِيِّ (٢):

أَلَمْ يَحْزُنُكِ أن حِبالَ قَيْسٍ … وتَغْلِبَ قد تَبايَنتا انْقِطاعَا

فجعَل حبالَ قيسٍ وهى جمعٌ، وحبالَ تَغْلِبَ وهى جمعٌ، اثْنَيْن.

وقولُه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وأَحْيَيْنا بالماءِ الذي نُنَزِّلُه مِن السماءِ كلَّ شيءٍ.

كما حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾. قال: كلُّ شيءٍ حَيٍّ خُلِقَ مِنَ الماءِ (٣).

فإن قال قائلٌ: وكيف خُصَّ كلُّ شيءٍ حيٍّ بأنَّه يجعل مِن الماءِ دونَ سائرِ الأشياءِ غيرِه، فقد عَلِمتَ أنَّه يَحْيا بالماءِ الزروعُ والنباتُ والأشجارُ، وغيرُ ذلك ممَّا لا حياةَ له، ولا يُقالُ له: حيٌّ ولا مَيِّتٌ؟

قيل: إنه لا شيءَ من ذلك إلَّا وله حياةٌ وموتٌ، وإن خَالفَ معناه في ذلك معنَى ذواتِ الأرواحِ في أنَّه لا أرواحَ فيهنَّ، وأن في ذواتِ الأرواحِ أرواحًا، فلذلك قيل: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾.

وقولُه: ﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ: أفلا يُصَدِّقون بذلك، ويُقِرُّونَ بِأُلُوهةِ مَن فعَل ذلك ويُفْرِدُونه بالعبادة!


(١) مجاز القرآن ٢/ ٣٧.
(٢) ديوانه ص ٣٢، والرواية فيه: "تباينت".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٣ عن معمر به، وأخرجه أحمد ١٣/ ٣١٤ (٧٩٣٢)، والحاكم ٤/ ١٢٩، ١٦٠ من طريق قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة، عن النبي .