للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتَركَبُ خَيلًا لا هَوَادَةَ بينَها … وتَشْقَى الرِّماحُ بالضياطِرَةِ (١) الحُمْرِ

وكقولِ ابن مُقْبلٍ (٢):

حَسَرْتُ كَفِّى عن السِّربالِ آخُذُه … فَردًا يُجَرُّ علَى أَيْدِى المُفَدِّينا

يريدُ: حسَرتُ السِّربالَ عن كَفِّى. ونحوُ ذلك مِن المقلوبِ.

وفي إجماعِ أهلِ التأويلِ على خلافِ هذا القولِ الكفايةُ المغنيةُ عن الاستشهادِ على فسادِه بغيرِه.

قال أبو جعفرٍ : والصوابُ من القولِ في تأويلِ ذلك عِندَنا القولُ الذي ذكَرْناه عمَّن قال: معناه: خُلِق الإنسانُ من عَجَلٍ فِي خَلْقِهِ. أَيْ: على عَجَلٍ وسُرعةٍ في ذلك. وإنما قِيل: ذلك كذلك لأنَّه بُودِر بخلْقِه مغيبُ الشمسِ في آخِرِ ساعةٍ مِن نهارِ يومِ الجُمُعةِ، وفي ذلك الوقتِ نُفِخ فيه الروحُ.

وإنما قلنا: ذلك (٣) أولى الأقوال التي ذكرْناها في ذلك بالصواب؛ لدلالةِ قولِه تعالى ذِكرُه: ﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾. على ذلك.

وأن أبا كريبٍ حدَّثنا قال: ثنا ابن إدريسَ، قال: أخبَرنا محمدُ بنُ عمرٍو، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ : "إِن في الجُمُعَةِ لَسَاعَةً - يُقَلِّلُها (٤) - فقال: لا يُوافِقُها عَبْدٌ مسلِمٌ يَسأَلُ الله فيها خيرًا إِلَّا آتاه اللهُ إيَّاه". فقال عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ: قد علِمتُ أيَّ ساعةٍ هِي؛ هي آخِرُ ساعاتِ النهارِ من يومِ الجُمُعةِ، قال اللهُ: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ (٥).


(١) الضياطرة: الرجال الضخام. اللسان (ض ط ر).
(٢) ديوانه ص ٣٢٥.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) أي يقلل يده؛ كما في مصادر التخريج الآتية، ويقللها: كأنه يشير إلى ضيق وقتها. ينظر التمهيد ١٩/ ١٨.
(٥) أخرجه البغوي في شرح السنة (١٠٤٦) من طريق محمد بن عمرو به، وينظر الطيالسي (٢٤٨٤) =