للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسماعيلُ بنُ عبدِ الكريمِ أبو (١) هشامِ، قال: ثنى عبدُ الصمدِ بنُ مَعْقِلٍ، قال: سمِعتُ وهبَ بنَ منبِّهٍ يقولُ: كان بَدءُ أَمْرِ أيوبَ الصديقِ صلواتُ اللهِ عليه، أنه كان صابرًا، نِعْمَ العبدٌ، قال وهبٌ: إن لجبريلَ بينَ يديِ اللهِ مقامًا ليس لأحدٍ من الملائكةِ في القُرْبةِ من اللهِ والفضيلةِ عندَه، وإن جبريلَ هو الذي يتلَقَّى الكلامَ، فإذا ذكَر اللهُ عبدًا بخيرٍ، تلقَّاه منه جبريلُ، ثم تلقَّاه ميكائيلُ، وحَوْلَه الملائكةُ المقرَّبون حافِّينَ من حولِ العرشِ، وشاعَ ذلك في الملائكةِ المقرَّبينَ، صارتِ الصلاةُ على ذلك العبدِ من أهلِ السماواتِ، فإذا صلَّت عليه ملائكةُ السماواتِ هبطَت عليه بالصلاةِ إلى ملائكةِ الأرضِ، وكان إبليسُ لا (٢) يُحْجَبُ بشيءٍ من السماواتِ، وكان يقِفُ فيهنَّ [حيثُما أراد] (٣)، ومن هنالِك وصَل إلى آدمَ حينَ أخرَجه من الجنةِ، فلم يَزَلْ على ذلك يصعَدُ في السماواتِ حتى رفَع اللهُ عيسىَ ابن مريمَ، فَحُجبَ من أربعٍ، وكان يصعَدُ في ثلاثٍ، فلما بعَث اللهُ محمدًا حُجِب من الثلاثِ الباقيةِ، فهو محجوبٌ هو وجميعُ جنودِه من جميعِ السماواتِ إلى يومِ القيامةِ، إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فأتْبَعه شهابٌ ثاقبٌ. ولذلك أنكرَت الجنُّ ما كانت تعرِف حينَ قالت: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا﴾، إلى قولِه: ﴿شِهَابًا رَصَدًا﴾ [الجن: ٨، ٩].

قال وهبٌ: فلم يَرُعْ إبليسَ إلا تجاوبُ ملائكتِها بالصلاةِ على أيوبَ، وذلك حينَ ذكَره اللهُ وأثنَى عليه، فلما سمِع إبليسُ صلاةَ الملائكةِ أدْرَكه البغْيُ والحسَدُ، وصعِد سريعًا حتى وقَف من اللهِ مكانًا كان يقِفُه، فقال: يا إلهى، نظَرتُ في أَمْرِ عبدِك أيوبَ، فوجَدتُه عبدًا أنْعَمتَ عليه فشكَركَ، وعافَيتَه فحمِدَك، ثم لم تُجرِّبْه


(١) في م، ت ١، ت ٢، ف: "بن". وينظر تهذيب الكمال ٣/ ١٣٨.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٣) في م: "حيث شاء ما أرادوا".