للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنا يحيى بنُ معينٍ، قال: ثنا ابن عُيينةَ، عن عمرٍو، عن وهبِ بن منبهٍ، قال: لم يكُنْ بأيوبَ الأكَلَةُ، إنما كان يخرُجُ به مثلُ ثَدْيِ النساءِ ثم ينقُفُه (١) (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا مخلدُ بن حسينٍ، عن هشامٍ، عن الحسنِ، وحجاجٌ، عن مباركٍ، عن الحسنِ - زاد أحدُهما على الآخرِ - قال: إن أيوبَ آتاه اللهُ مالًا، وأوسَع عليه، وله من النساءِ والبقرِ والغنَمِ والإبلِ، وإن عدوَّ اللهِ إبليسَ قيل له: هل تقدِرُ أن تفتِنَ أيوبَ؟ قال: رَبِّ إن أيوبَ أصبَح في دُنيا من مالٍ وولَدٍ، ولا يستطيعُ ألا يشكُرَك، ولكن سلِّطْنى (٣) على مالِه وولَدِه، فستَرى كيف يُطيعُنى ويَعصِيك. قال: فسلَّطَه (٣) على مالِه وولَدِه. قال: فكان يأتى بالماشيةِ من مالِه من الغنمِ فيحرِقُها بالنيرانِ، ثم يأتى أيوبَ وهو يُصلِّى متشبِّهًا براعِي الغنمِ، فيقولُ: يا أيوبُ، تُصلِّى لربِّك! ما ترَك اللهُ لك من ماشيتِك شيئًا من الغنمِ إلا أحرَقها بالنيرانِ، وكنتُ ناحيةً فجئتُ لأخبِرَك. قال: فيقولُ أيوبُ: اللهمَّ أنت أعطيتَ، وأنتَ أخذتَ، مهما تُبْقِ نفسِي أَحْمَدْك على حُسْنِ بلائِك. فلا يقْدِرُ منه على شيءٍ مما يريدُ، ثم يأتى ماشيتَه من البقرِ فيحرِقُها بالنيرانِ، ثم يأتى أيوبَ فيقولُ له ذلك، ويرُدُّ عليه أيوبُ مثلَ ذلك. قال: وكذلك فعَل بالإبلِ حتى ما ترَك له (٤) ماشيةً، حتى هدَم البيتَ على ولَدِه، فقال: يا أيوبُ أرسَل اللهُ على ولَدِك من هدَم عليهم البيوتَ، حتى هلَكوا. فيقول أيوبُ مثلَ ذلك، وقال: رَبِّ هذا حينَ أحسنتَ إليَّ الإحسانَ كلَّه، قد كنتُ قبلَ اليومِ يشغَلُنى حُبُّ المالِ بالنهارِ، ويشغَلُنى حُبُّ الولَدِ بالليلِ شفقةً عليهم، فالآن


(١) النَّقْفُ: كسر الهامة عن الدماغ ونحو ذلك، كما ينقف الظليم الحنظل عن حبه - أي يشقه - ونقف الفرخُ البيضة: نقبها وخرج منها، التاج (ن ق ف).
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢٨ إلى المصنف.
(٣) بعده في ت ٢: "عليه و".
(٤) بعده في م، ت ١، ف: "من".