للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن مباركٍ، عن الحسنِ. ومخلدٌ، عن هشامٍ، عن الحسنِ، دخَل حديثُ أحدِهما في الآخرِ، قالا: فقيل له: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ [ص: ٤٢]. فركَض برجلِه فنبعَت عينٌ، فاغتسَل منها، فلم يبقَ عليه من دائِه شيءٌ ظاهرٌ إلا سقَط، فأذهَب اللهُ كلَّ ألمٍ وكلَّ سَقَمٍ، وعاد إليه شبابُه وجمالُه أحسنَ ما كان وأفضلَ ما كان، ثم ضرَب برجلِه، فنبَعت عينٌ أُخرى فشرِب منها، فلم يبقَ في جوفِه داءٌ إلا خرَج، فقام صحيحًا، وكُسِى حُلةً. قال: فجعَل يتلفَّتُ ولا يَرَى شيئًا مما كان له من أهلٍ ومالٍ إلا وقد أضعَفه اللهُ له، حتى واللهِ ذُكِر لنا أن الماءَ الذي اغتسَل به تطايرَ على صدرِه جرادًا من ذهَبٍ. قال: فجعَل يضمُّه بيده، فأوحَى اللهُ إليه: يا أيوبُ ألم أُغنِك؟ قال: بلَى، ولكنها بركَتُك، فمن يشبَعُ منها! قال: فخرَج حتى جلَس على مكانٍ مُشرِفٍ، ثم إن امرأتَه قالت: أرأيتِ إن كان طردَنى إلى مَن أكِلُه؟ أَدَعُه يموتُ جوعًا أو يَضيعُ فتأكُلُه السِّباعُ؟ لأرجِعنَّ إليه. فرجَعتْ، فلا كُناسةَ ترَى، ولا من تلك الحال التي كانت، وإذا الأمورُ قد تغيَّرتْ، فجعَلت تطوفُ حيث كانت الكُناسةُ وتَبْكِي، وذلك بعينِ أيوبَ. قال (١): وهابَتْ صاحِبَ الحُلَّةِ أن تأتيَه فتسألَه عنه، فأرسَل إليها أيوبُ فدعاها، فقال: ما تُريدين يا أَمَةَ اللهِ؟ فبكَتْ وقالت: أردتُ ذلك المبتَلَى الذي كان مَنْبوذًا على الكُناسةِ، لا أدرِى أضاعَ أم ما فعَل؟ قال لها أيوبُ: ما كان منك؟ فبكَت وقالت: بَعْلى، فهل رأيتَه؟ وهى تبكِي، إنه قد كان ههنا. قال: وهل تعرِفينَه إذا رأَيتِه (٢)؟ قالت: وهل يَخْفَى على أحدٍ رآه؟ ثم جعَلت تنظُر إليه وهى تهابُه، ثم قالت: أما إنه كان أشبَهَ خلْقِ اللهِ بك إذ كان صحيحًا. قال: فإنى أنا أيوبُ الذي أمرتِينى أن أذبَح للشيطانِ، وإنى أطعْتُ الله وعَصيتُ الشيطانَ، فدعوتُ الله فردَّ عليَّ


(١) في م: "قالت".
(٢) في م: "رأيتيه".