للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تَرَين. قال الحسنُ: ثم إن الله رحِمها بصبرِها معه على البلاءِ، أن أمره تخفيفًا عنها أن يأخُذَ جماعةً من الشجَرِ فيضرِبَها ضربةً واحدةً تخفيفًا عنها بصبرِها معه (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ إلى آخرِ الآيتين: فإنه لما مسَّه الشيطانُ بنصْبٍ وعذابٍ، أنساهُ اللهُ الدعاءَ؛ أن يدعُوَه فيكشِفَ ما به من ضُرٍّ، غيرَ أنه كان يذكُرُ الله كثيرًا، ولا يزيدُه البلاءُ في اللهِ إلا رغبةً وحُسْنَ إيمانٍ، فلمَّا انتهى الأجلُ، وقضَى اللهُ أنه كاشِفٌ ما به من ضُرٍّ، أذِن له في الدعاء، ويسَّره له، وكان قبلَ ذلك يقولُ : لا ينبَغى لعبدِي أيوبَ أن يدعوَنى ثم لا أستجيبَ له. فلمَّا دَعا استجابَ له، وأبدَله بكلِّ شيءٍ ذهَب له ضِعفَين؛ رَدَّ إليه أهلَه ومثلَهم معهم، وأثنى عليه فقال: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (٢).

واختلَف أهلُ التأويلِ في "الأهْلِ" الذين (٣) ذكَر اللهُ في قولِه: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾. أهُم أهلُه الذين أُوتيهم في الدنيا؟ أم ذلك وَعْدٌ وعَده اللهُ أيوبَ أن يفعلَ به في الآخرةِ؟ فقال بعضُهم: إنما أتى اللهُ أيوبَ في الدنيا مثلَ أهلِه الذين هلَكوا، فإنهم لم يُرَدّوا عليه في الدنيا، وإنما وعَد اللهُ أيوبَ أن يؤتيَه إيَّاهم في الآخرةِ.

حدَّثني أبو السائبِ سلْمُ بنُ جُنادةَ، قال: ثنا ابن إدريسَ، عن ليثٍ، قال: أرسل مجاهدٌ رجلًا، يقالُ له: قاسمٌ، إلى عكرمةَ يسألُه عن قولِ اللهِ لأيوبَ:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢٩ إلى المصنف من تمام الأثر المتقدم في ص ٣٦٠ - ٣٦٣.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢٨ إلى المصنف.
(٣) في م: "الذي".