للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولُ اللَّهِ : "نَعَم، كلُّ مَن أَحَبَّ أن يُعبَدَ مِن دونِ اللَّهِ فهو مع مَن عَبَدَه، إنما يَعبُدون الشياطينَ ومَن أَمَرَتْهم (١) بعبادتِه". فأنزَل اللَّهُ عليه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ إلى: ﴿خَالِدُونَ﴾. أي: عيسى ابن مريمَ، وعُزيرٌ، ومَن عُبِدوا من الأحبارِ والرُّهبانِ الذين مَضَوا على طاعةِ اللَّهِ، فاتَّخَذهم مَنْ بعدَهم من أهلِ الضلالةِ أربابًا مِن دونِ اللَّهِ، فأنزَل اللَّهُ فيما ذكَروا أنَّهم يَعْبُدون الملائكةَ، وأنَّها بناتُ اللَّهِ: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ إلى قولِه: ﴿نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٢٦ - ٢٩] (٢).

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ قال: يقولُ ناسٌ مِن الناسِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾: يعنى مِن الناسِ أجمعين. فليس كذلك، إنَّما يعنِي مَن يُعْبَدُ مِن (٣) الآلهةِ وهو للَّهِ مطيعٌ؛ مثلَ عيسى وأمِّه، وعُزَيْرٍ، والملائكةِ، واسْتَثْنى اللَّهُ هؤلاءِ مِن (٣) الآلهةِ المعبودةِ التي هي ومَن يَعبُدُها في النارِ (٤).

حدَّثنا ابن سِنانٍ القزَّازُ، قال: ثنا الحسنُ بن الحسينِ الأشْقَرُ، قال: ثنا أبو كُدَينةَ، عن عطاءِ بن السائبِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لمّا نزَلت: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾. قال المشركون: فإنَّ عيسى يُعبَدُ، وعُزَيرٌ، والشمسُ، والقمرُ يُعبدون! فأنزل اللَّهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا


(١) في م: "أمرهم".
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٣٥٨ - ٣٦٠.
(٣) سقط من: م.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٩ إلى المصنف.