للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أُسارَى تَفْدُوهم). وبعضُهم: (أَسْرى تُفادُوهم) (١).

فمَن قرَأ ذلك: (وإن يأتوكم أسْرَى). فإنه أراد جمعَ الأسيرِ، إذ كان على "فَعِيل" على مثالِ جمعِ أسماءِ ذَوِى العاهاتِ التى يأتى واحدُها على تقديرِ "فَعِيل"؛ إذ كان الأسْرُ شَبيهَ المعنى -في الأذَى والمكروهِ الداخلِ به على الأسِيرِ- ببعضِ مَعانى العاهاتِ، وأُلْحِق جَمْعُ المسمى (٢) به بجمعِ ما وصَفْنا، فقيل: أَسيرٌ وأسْرَى. كما قيل: مريضٌ ومَرْضَى، وكَسيرٌ وكَسْرَى، وجَريحٌ وجَرْحَى.

وأما الذين قرَءوا ﴿أُسَارَى﴾ فإنَّهم أخرَجوه على مُخرجِ جمعِ "فَعْلان"؛ إذ كان جمعُ "فعلان" الذى له "فَعْلَى"، قد يُشاركُ جمعَ "فعيلٍ"، كما قالوا: سُكَارى وسَكْرى، وكُسالى وكَسْلى، فشبَّهوا أسيرًا -إذ جمَعوه مرةً أُسارى، وأُخرى أَسْرى- بذلك.

وكان بعضُهم يَزْعُمُ أن معنى الأسْرَى مخالِفٌ معنى الأسارَى، ويَزْعُمُ أن معنى الأسْرَى اسْتِئْسارُ القومِ بغيرِ أسْرٍ مِن المُسْتَأْسِرِ لهم، وأن معنى الأسارَى معنى مَصيرِ القومِ المأْسُورِين في أيدى الآسِرِين بأسْرِهم إياهم وأخْذِهم قهرًا وغَلَبةً.

قال أبو جعفرٍ: وذلك ما لا وجهَ له يُفْهَمُ في لغةِ أحدٍ مِن العربِ، ولكنَّ ذلك على ما وصَفْتُ مِن جمعِ الأسيرِ مرةً على "فَعْلَى" لِمَا بيَّنْتُ مِن العلةِ، ومرةً على "فُعَالى" لمَا ذكَرْتُ مِن تشبيهِهم جمعَه بجمعِ سَكْرانَ وكَسْلانَ وما أشْبَه ذلك.

وأولى القراءات (٣) بالصوابِ في ذلك (٤) قراءةُ مَن قرَأ: (وَإنْ يأتُوكُم أسْرَى)؛


(١) القراءة الأولى قرأ بها حمزة، والثانية قرأ بها الكسائى وعاصم ونافع وأبو جعفر، والثالثة قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وخلف، والرابعة قراءة شاذة مما فوق العشرة. انظر النشر ٢/ ٢١٨.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المستلحق".
(٣) سقط من: م.
(٤) القراءات المتواترة لا تفاضل بينها، قال أبو عمرو الدانى: وأئمة القراء لا يعمل في شيء من حروف القرآن =