للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُ نحويِّى الكوفيين يقولُ (١): إذا أُثبتتِ الهاء في المرضِعةِ، فإِنما يُرادُ أمُّ الصبيِّ المرضَع، وإذا أُسقطت، فإنَّه يُرادُ المرأة التي معها صبيٌّ تُرضِعه؛ لأنَّه أُرِيدَ الفِعْلُ بها.

قال (٢): ولو أُريد بها الصِّفةُ فيما يُرَى (٣) لقال: مُرْضِعٌ.

قال (٤): وكذلك كلُّ "مُفْعِل" أو "فاعلٍ" يكون (٥) للأنثى ولا يكونُ للذَّكرِ، فهو بغير هاءٍ، نحوَ مُقْرِب (٦)، ومُوقرٍ (٧)، ومُشْدِنٍ (٨)، وحاملٍ، وحائضٍ.

قال أبو جعفرٍ: وهذا القولُ عندى أولى بالصواب في ذلك؛ لأن العرب من شأنها إسقاط هاء (٩) التأنيثِ من كلِّ "فاعل" و "مُفْعِلٍ"، إذا وصفوا المؤنَّثَ به، و (١٠) لم يكن للمذكَّرِ فيه حظٌّ. فإذا أرادوا (١١) الخبر عنها أنَّها ستفعله ولم تفعله، أثْبَتوا هاء التأنيثِ؛ ليُفَرِّقوا بين الصِّفة والفعلِ، منه قول الأعشى فيما هو واقعٌ ولم


(١) ينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٢١٤.
(٢) في م: "قالوا". وهذا قول الأخفش - وهو بصرى - كما في تهذيب اللغة ١/ ٤٧٢.
(٣) في ت ١، ت ٢: "ترى".
(٤) وقال الخليل نحوه، كما في تهذيب اللغة ١/ ٤٧٢، وينظر اللسان (ر ض ع).
(٥) بعده في ت ٢: "فاعل".
(٦) أقربت الحامل، وهى مُقْرِب: دنا ولادها، وجمعها مقاريب. اللسان (ق ر ب).
(٧) أوقرت النخلة: أي: كثر حملها، يقال: نخلة مُوقِرة وموقر وموقَرَة. الصحاح (و ق ر).
(٨) ظبية مشدن: ذات شادن يتبعها، والشادن ولدها إذا قوى وطلع قرناه واستغنى عن أمه. ينظر اللسان (ش د ن).
(٩) في ص، ت ١، ت ٢ ف: "هذا".
(١٠) بعده في م: "لو".
(١١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أنه".