للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)﴾. قال: هذا يوم القيامةِ (١).

والزَّلزلة مصدرٌ من قول القائل: زَلْزَلتُ بفلانٍ الأَرضَ، أُزَلْزِلُها (٢) زَلْزَلَةً وزِلزالًا، بكسر "الزَّايِ" من الزِّلْزالِ، كما قال الله: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ [الزلزلة: ١]. وكذلك المصدر من كلّ سليمٍ من الأفعال إذا جاءت على فِعْلالٍ، فيكسرِ أَوَّلِه مثلَ: وَسُوسَ وَسْوسةً ووِسْواسًا. فإذا كان اسما كان بفتح أوَّله "الزَّلزالُ" و "الوَسْواس"، وهو ما وَسْوَس إلى الإنسان، كما قال الشاعر (٣):

يَعرِفُ الجَاهِلُ المُضَلَّلُ أَنَّ الـ … ـدَّهرَ فِيهِ النَّكراءُ والزَّلزَالُ

وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا﴾. يقول جلَّ ثناؤه: يومَ ترَوْن أَيُّها الناسُ زَلْزَلَةَ الساعةِ تَذهَلُ مِن [عِظَم هولِها] (٤) كلُّ مُرضِعة مولودٍ عَمَّا أرضعت.

ويعنى بقوله: ﴿تَذْهَلُ﴾: تَنسَى وتتركُ من شدَّةٍ كَرْبِها. يقالُ: ذَهَلتُ عن كذا، أَذْهَلُ عنه ذُهُولًا. وذَهَلْتُ أيضًا، وهى قليلةٌ، والفصيح الفتح في الهاءِ، فأما في المستقبل فالهاء مفتوحةٌ في اللُّغَتَين، لم يُسمَعْ غيرُ ذلك، ومنه قول الشاعرِ (٥):

* صحَا قَلْبُه يا عَزَّ أو كاد يَذْهَلُ *

فأما إذا أُريد أن الهولَ أنْسَاه وسَلَّاه، قلتَ: أَذْهَلَه هذا الأمرُ عن كذا، يُذْهِلُه إذْهَالًا.

وفي إثباتِ الهاءِ في قوله: ﴿كُلُّ مُرْضِعَةٍ﴾ اختلافٌ بين أهل العربيةِ،


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٤٤ إلى المصنف.
(٢) في ت ١، ف: "أزلزله"، وفى ت ٢: "أزلزل".
(٣) التبيان ٧/ ٢٥٦.
(٤) في م: "عظمها".
(٥) هو كثير عزة، والبيت في ديوانه ص ٢٥٤.