للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيدُه، ﴿مَا يَغِيظُ﴾. قال: ذلك خنقُه ألا يَرْزُقه اللَّهُ.

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ﴾. يعنى: بحبلٍ، ﴿إِلَى السَّمَاءِ﴾. يعنى: سماءِ البيتِ (١).

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عليةَ، قال: أخبَرنا أبو رَجاءٍ، قال: سُئِل عكرمةُ عن قولِه: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾. قال: سماءِ البيتِ، ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾. قال: ليَخْتَنِقْ (٢).

وأولى ذلك بالصوابِ عندى في تأويلِ ذلك قولُ مَن قال: الهاءُ مِن ذكرِ نبيِّ اللَّهِ ودينِه. وذلك أن اللَّهَ تعالى ذكرُه ذكَر قومًا يَعْبُدونه على حرفٍ، وأنهم يَطْمَئِنُّون بالدينِ إن أصابوا خيرًا في عبادتِهم إياه، وأنهم يَرْتَدُّون عن دينِهم لشدةٍ تُصِيبُهم فيها، ثم أتْبَع ذلك هذه الآيةَ، فمعلومٌ أنه إنما أتْبَعه إياها توبيخًا لهم على ارتدادِهم عن الدينِ، أو على شكِّهم فيه و (٣) نفاقِهم؛ استبطاءً منهم السَّعةَ (٤) في العيشِ، أو السُّبوغَ في الرزقِ.

وإذ كان الواجبُ أن يكونَ ذلك عَقِيبَ الخبرِ عن نفاقِهم، فمعنى الكلامِ إذن، إذ كان ذلك كذلك: مَن كان يَحْسَبُ أن لن يَرْزُقَ اللَّهُ محمدًا في الدنيا وأمتَه، فيُوَسِّعَ عليهم مِن فضلِه فيها، ويَرْزُقَهم في الآخرةِ مِن سَنِيِّ عطاياه وكرامتِه؛ اسْتبطاءً منه فعلَ اللَّهِ ذلك به وبهم، فلْيَمْدُدْ بحبلٍ إلى سماءٍ فوقَه - إما سقفِ بيتٍ،


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٤٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٣٩٧.
(٣) سقط من: م.
(٤) في ت ١: "السفه".