للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: وكم يا محمدُ من قريةٍ أهلَكتُ أهلَها وهم ظالمون. يقولُ: وهم يَعبدون غيرَ مَن يَنْبغى أن يُعبدَ، ويَعصُون مَن لا يَنبغى لهم أن يَعصُوه.

وقولُه: ﴿فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾. يقولُ: فبادَ أهلُها، وخلَت وخوَت من سكانها، فخرِبَت وتَداعت، وتساقطتْ ﴿عَلَى عُرُوشِهَا﴾. يعني: على بِنائِها وسقوفِها.

كما حدَّثنا أبو هشامٍ الرفاعىُّ، قال: ثنا أبو خالدٍ، عن جُوَيبرٍ، عن الضحاك: ﴿فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾. قال: خَواؤُها: خَرابُها، وعُروشُها: سُقوفُها (١).

حدَّثنا ابنُ عبد الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: ﴿خَاوِيَةٌ﴾. قال: خَرِبَةٌ ليس فيها أحدٌ.

حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةً مثلَه (٢).

وقولُه: ﴿وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ﴾. يقولُ تعالى: فكأيِّن من قريةٍ أهلكناها (٣)، ومن بئر عطَّلناها بإفناء أهلها، وإهلاكِ وَارِدِيها، فاندفَنت وتعطَّلَت، فلا وَارِدةَ لها ولا شَاربةَ منها، ومن قصرٍ مشيدٍ رفيعٍ بالصخور والجصِّ، قد خلا مِن سُكَّانِه، بما أذَقنا أهلَه من عذابِنا بسوءِ فِعَالِهم، فبَادُوا، وبَقِيَ قصورُهم المشيدةُ خاليةً منهم.

و "البئرُ" و "القصرُ" مخفُوضان بالعطف على "القرية".

وكان بعضُ نحويِّى الكوفة يقولُ (٤): هما معطوفان على "العروشِ" بالعطفِ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٠، ٥٠١ (٢٦٤٥، ٢٦٤٧) من طريق أبي خالد به، وينظر ما تقدم في ٤/ ٥٨٥.
(٢) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٤٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٠ من طريق سعيد، عن قتادة، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٦٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "أهلكتها".
(٤) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٢٨.