للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنزله اللهُ عليه، فاشتدَّ ذلك على رسول الله ، واغتمَّ به، فسلّاه مما به من ذلك بهذه الآيات.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدَّثني حجاج، عن ابن جُريج، عن أبي مَعشرٍ، عن محمدِ بنِ كعب القرظى ومحمد بن قيس، قالا: جلَس رسولُ الله في نادٍ من أندية قريش كثير أهله، فتمنَّى يومئذٍ ألا يأتيه من الله شيءٌ فينفروا الله عنه، فأنزل الله عليه: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ فقرَأها رسول الله : ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ١ - ٢٠] ألقى عليه الشيطانُ كلمتين: تلك الغرانيق (١) العُلى، وإن شفاعتهن لتُرتجى (٢). فتكلَّم بها، ثم مضى فقرأ السورة كلها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم جميعًا معه، ورفع الوليد بن المغيرة ترابًا إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخًا كبيرًا لا يقدِرُ على السجودِ، فرضُوا بما تكلَّم به، وقالوا: قد عرفنا أن الله يُحيى ويُميتُ، وهو الذي يَخلُقُ ويَرْزُقُ، ولكنَّ آلهتنا هذه تشفع لنا عندَه، إذ جعَلتَ لها نصيبًا، فنحن معك. قالا: فلما أمسى أتاه جبريلُ ، فعرض عليه السورةً، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه، قال: ما جئتك بهاتين. فقال رسولُ الله : "افتريت على اللهِ، وقلتُ على اللهِ ما لم يَقُلْ". فأوحى الله إليه: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ﴾ إلى قوله: ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا


(١) في ص، م، ت ١، ف: "الغرائقة". والغرانيق ههنا الأصنام، وهى في الأصل الذكور من طير الماء، واحدها غُرْنوق وغُرْنَيق، سمى به لبياضه. وقيل: هو الكركى. والغرنوق أيضًا الشاب الناعم الأبيض، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله وتشفع لهم، فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع. النهاية ٣/ ٣٦٤.
(٢) في ص، م، ت ١، ف: "لترجي".