للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)

يقولُ تعالى ذكرُه: يا أيُّها الناسُ، جُعِل للهِ (١) مثلٌ وذِكرٌ. ومعنى ﴿ضُرِبَ﴾ في هذا الموضعِ: جُعلَ. مِن قولِهم: ضرَب السلطانُ على الناسِ البَعْثَ. بمعنى: جُعِل عليهم، وضرَب الجزيةَ على النصارَى. بمعنى: جُعِل ذلك عليهم. والمثلُ: الشَّبَهُ.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: جُعِل لى شَبَهٌ أَيُّها الناسُ. يعنى بالشَّبهِ والمثَلِ: الآلهةَ. يقولُ: جعَل لى المشركون الأصنامَ (٢) شبهًا، فعبدُوها معى، وأشرَكُوها في عبادَتي ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾. يقولُ: فاستمِعُوا حالَ ما مثَّلُوه وجعَلوه لي في عبادتِهم إياهُ شبهًا. وصِفتُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا﴾. يقولُ: إِنَّ جميعَ ما تعبُدونَ من دونِ اللهِ من الآلهةِ والأصنامِ، لو جُمعتْ لم يخلُقوا ذُبابًا في صغرِه وقلَّتِه؛ لأنَّها لا تقْدِرُ على ذلك ولا تُطيقُه، ولو اجتمَع لخلقِه جميعُها. والذُّبابُ واحدٌ، وجمعُه فى القلةِ أَذِبَّةٌ، وفى الكثرةِ (٣) ذِبَّانٌ، نظيرُ غُرابٍ، يُجمعُ فى القلةِ أغربةٌ، وفى الكثرة غِربانٌ.

وقولُه: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا﴾. يقولُ: وإِنْ يسلُبِ الآلهة والأوثانَ الذباب شيئًا ممَّا عليها؛ مِن طِيبٍ وما أشبهَه مِن شَيْءٍ ﴿لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾. يقولُ: لا تقدِرُ الآلهةُ أنْ تستنقِذَ ذلك منه.

واختُلِف في معنى قولِه: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾؛ فقال بعضُهم:


(١) فى ت ١، ت ٢، ت ٣: "الله".
(٢) في م: "والأصنام".
(٣) فى ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "الكثير".