للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عني بالطالب الآلهةَ، وبالمطلوبِ الذُّباب.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابنُ جريجٍ، قال ابنُ عباسٍ في قولِه: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ﴾. قال: آلهتُهم، ﴿وَالْمَطْلُوبُ﴾: الذبابُ (١). وكان بعضُهم يقولُ: معنى ذلك: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ﴾ مِن بنى آدمَ إلى الصَّنمِ حاجتَه، ﴿وَالْمَطْلُوبُ﴾ إليه: الصنمُ أن يُعطِيَ سائلَه من بنى آدمَ ما سأَله. يقولُ: ضعُف عن ذلك وعَجَز.

والصوابُ من القولِ فى ذلك عندَنا ما ذكَرتُه عن ابنِ عباسٍ من أنَّ معناه: عجَز الطالبُ -وهو الآلهةُ- أن يَسْتَنْقِذَ (٢) من الذبابِ ما سلَبه (٣) إياهُ، وهو الطَّيبُ وما أشبهَه. والمطلوبُ الذبابُ.

وإنَّما قلتُ: هذا القولُ أولى بتأويلِ ذلك. لأنَّ ذلك في سياقِ الخبرِ عن الآلهةِ والذبابِ، فأن يكونَ ذلك خبرًا عمَّا هو به متصلٌ أشبَهُ من أن يكونَ خبرًا عمَّا هو عنه مُنقطِعٌ، وإِنَّما أخبَر جلَّ ثناؤُه عن الآلهةِ بما أخبرَ به عنها في هذه الآيةِ من ضَعفِها ومهانتِها؛ تقريعًا منه بذلك عبدتَها مِن مشركي قُريشٍ.

يقولُ تعالى ذكرُه: كيف يُجعَلُ لى (٤) مثلٌ في العبادةِ، ويُشرَكُ فيها معى ما لا قدرةَ له على خلقِ ذبابٍ، وإن استذلَّه (٥) الذبابُ فسلَبه شيئًا عليهِ لم يَقْدِرُ أنْ يمتنِعَ منه


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٧٠ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) في م، ت ١، ف: "تستنقذ".
(٣) في م: "سلبها".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "أخذ له".