للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ينتصِرَ، وأنا الخالقُ ما فى السماواتِ والأرضِ، ومالكٌ جميعَ ذلك، والمحيى مَن أردتُ، والمُفْنِى (١) ما أردتُ ومن أردتُ؟! إِنَّ فاعلَ ذلك لا شكَّ أنَّه في غايةِ الجهلِ.

وقولُه: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. يقولُ: ما عظَّم هؤلاءِ الذين جعَلوا الآلهةَ للهِ شريكًا فى العبادةِ حقَّ عظَمتِه حينَ أشرَكوا به غيرَه، فلم يُخلِصوا له العبادةَ، ولا عرَفوه حقَّ مَعرفتِه. من قولِهم: ما عرَفتَ لِفُلانٍ قدرَه. إذا خاطبوا بذلك من قصَّر بحقِّه، وهم يُريدون تعظيمَه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا﴾ إلى آخرِ الآية. قال: هذا مثلٌ ضرَبه اللهُ لآلهتِهم. وقرَأ ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. حينَ يَعبدون مع اللهِ ما لا يَنْتَصِفُ من الذبابِ ولا يَمتنعُ منه (٢).

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ﴾. يقولُ: إن الله لقوىٌّ على خلقِ ما يشاءُ؛ من صغيرِ ما يشاءُ (٣) خَلْقَه، وكبيرِه. ﴿عَزِيزٌ﴾ يقولُ: منيعٌ في مُلكِه، لا يقدرُ شيءٌ دونَه أن يسلُبَه من مُلكِه شيئًا، وليس كآلهتِكم أيُّها المشركونَ الذين تدعونَ من دونِه، الذين لا يقدرونَ على خلقِ ذبابٍ، ولا على الامتناعِ من الذبابِ إذا (٤) استلَبها


(١) في م: "المميت".
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٧٠ إلى ابن أبي حاتم.
(٣) بعده في م: "من".
(٤) في ت ١: "إن".