قال ابنُ عباسٍ في قولِه: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾: لا تخافوا في الله لومةَ لائمٍ (١).
وقال آخرون: معنى ذلك: اعمَلوا بالحقِّ حقَّ عملِه. وهذا قولٌ ذكَره عن الضحاكِ بعضُ مَن في روايتِه نظرٌ.
والصوابُ من القولِ في ذلك قولُ مَن قال: عُنِى به الجهادُ في سبيلِ الله. لأنَّ المعروفَ من الجهادِ ذلك، وهو الأغلبُ على قولِ القائلِ: جاهدتُ في اللهِ. وحقُّ الجهادِ هو استفراغُ الطاقةِ فيه.
وقولُه: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾. يقولُ: هو اختارَكم لدينِه، واصطَفاكم لحربِ أعدائِه، والجهادِ في سبيلِه
وقال ابنُ زيدٍ في ذلك ما حدَّثني به يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ فى قولِه: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾. قال: هو هداكم.
وقولُه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وما جعَل عليكم ربُّكم في الدينِ الذى تعبَّدَكم به من ضيقٍ لا مخرجَ لكم ممَّا ابتُليتُم به فيه، بل وسَّع عليكم، فجعَل التوبةَ مِن بعضٍ مخرجًا، والكفارةَ من بعضٍ، والقِصاصَ من بعضٍ، فلا ذنبَ يُذنِبُ المؤمنُ إلَّا وله منه فى دينِ الإِسلامِ مَخرجٌ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونسُ بن عبد الأعلى، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبَرنى
(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٧١ إلى ابن المنذر.