للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعربُ تقولُ: لبِئْسَما تزويجٌ ولا مَهْرٌ. فيَجْعَلون "ما" وحدَها اسمًا بغيرِ صلةٍ.

قال أبو جعفرٍ: وقائلُ هذه المقالةِ لا يُجيزُ أن يكونَ الذى يَلِى "بئْسَ" معرفةً مُوَقَّتةً، وخبرُه معرفةً موقتةً. قد زعَم أن "بئسما" بمعنى (١): بِئْسَ الشئُ اشتَرَوْا به أنفسَهم. فقد صارتْ "ما" بصِفتِها اسمًا موقَّتًا؛ لأنَّ "اشتَرَوْا" فعلٌ ماضٍ من صلةِ "ما"، في قولِ قائلِ هذه المقالةِ، وإذا وُصِلَتْ بماضٍ من الفعلِ كانت معرفةً موقَّتةً معلومةً، فيصيرُ تأويلُ الكلامِ حينئذٍ: بئس شراؤُهم كفرُهم. وذلك عنده غيرُ جائزٍ، فقد تبيَّنَ فسادُ هذا القولِ.

وكان آخرُ منهم (٢) يزعُمُ أنَّ ﴿أَن﴾ في موضعِ خفضٍ إن شِئْتَ، ورفعٍ إن شِئْتَ. فأما الخفضُ فأن تَرُدَّه على الهاءِ التى في ﴿بِهِ﴾. على التكريرِ على كلامَيْن، كأنك قُلْتَ: اشتَرَوْا أنفسَهم بالكفرِ. وأما الرفعُ فأن يكونَ مُكَرَّرًا (٣) على موضعِ "ما" التى تَلِى "بِئْسَ". قال: ولا يجوزُ أن يكونَ رفعًا على قولِك: بئْس الرجلُ عبدُ اللهِ.

وقال بعضُهم: ﴿بِئْسَمَا﴾ شيءٌ واحدٌ [يُعْرَبُ بما] (٤) بعدَه، كما حُكِى عن العربِ: بئسما تَزويجٌ ولا مَهْرٌ. فرفَع "تَزويجٌ" بـ "بئسما"، كما يقالُ: بئسما زيدٌ. ونعمّا (٥) عمرٌو. فيكونُ "بئسما" رفعًا بما عادَ عليها من الهاءِ، كأنك


(١) فى م: "بمنزلة".
(٢) هو الفراء في معانى القرآن ١/ ٥٦.
(٣) في معانى القرآن: "مكرورا".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يعرف ما".
(٥) في م، ت ١، ت، ٢، ت ٣: "بئسما".