للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتَ: [شيءٌ بِئْس] (١) الشئُ اشتَرَوْا به أنفسَهم. وتكونُ "أنْ" مترجِمةً (٢) عن "بئسما".

وأولى هذه الأقوالِ عندى بالصوابِ قولُ من جعَل: ﴿بِئْسَمَا﴾ مرفوعًا بالراجعِ من الهاءِ في قولِه: ﴿اشْتَرَوْا بِهِ﴾ كما رَفَعوا ذلك بـ "عبدِ اللهِ"، إذ قالوا: بئسما عبدُ اللهِ. وجَعَل ﴿أَنْ يَكْفُرُوا﴾ مترجِمةً عن ﴿بِئْسَمَا﴾. فيكونُ معنى الكلامِ حينئذٍ: بئس الشئُ باع اليهودُ به أنفسَهم كفرُهم بما أنزَلَ اللهُ بغيًا وحسدًا أن يُنَزِّلَ اللهُ من فضلِه. وتكونُ ﴿أَنْ﴾ التى في قولِه: ﴿أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ﴾. في موضعِ نصبٍ؛ لأنه يَعْنِى به: أن يَكْفُروا بما أنزَل اللهُ من أجلِ أن يُنَزِّلَ اللهُ من فضلِه على مَن يشاءُ من عبادِه. وموضعُ ﴿أَنْ﴾ جَزاءٌ (٣). وكان بعضُ أهلِ العربيةِ من الكوفيِّين (٤) يزعُمُ أنَّ ﴿أَنْ﴾ في موضِعِ خفضٍ بنيةِ الباءِ. وإنما اختَرْنا (٥) فيها النصبَ لتمامِ الخبرِ قبلَها، ولا خافضَ معها يَخْفِضُها، والحرفُ الخافضُ لا يُخفَضُ به مُضْمَرًا.

وأما قولُه: ﴿اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ فإنه يَعْنِى به: باعُوا به أنفسَهم. كما حدثنى موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾. يقولُ: باعُوا به (٦) أنفسَهم ﴿أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ﴾ (٧).


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بئس شيء".
(٢) الترجمة هى تسمية الكوفيين لما يسميه البصريون عطف البيان. همع الهوامع ١/ ١٢١.
(٣) في م: "جر". وينظر معانى القرآن ١/ ٥٨.
(٤) هو الكسائى. ينظر معانى القرآن الموضع السابق.
(٥) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "أجزنا".
(٦) سقط من: م.
(٧) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٧٢، ١٩٥ (٩٠٨، ١٠٣٠) من طريق عمرو به.