للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى القولين في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: الذي تولَّى كِبْرَه من عصبةِ الإفكِ، كان عبدَ اللَّهِ بنَ أبيٍّ. وذلك أنه لا خلافَ بينَ أهلِ العلمِ بالسِّيَرِ، أن الذي بدَأ بذكرِ الإفكِ، وكان يجمعُ أهلَه ويحدِّثُهم، عبدُ اللَّهُ بنُ أُبيٍّ ابن سَلُولَ، وفعلُه ذلك على ما وصَفتُ، كان تولِّيَه كِبْرَ ذلك الأمرِ.

وكان سببَ مجيءِ أهلِ الإفكِ، ما حدَّثنا به ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن محمدِ بن مسلمِ بن [عبيدِ اللَّهِ بن عبدِ اللَّهِ] (١) بن شهابٍ، قال: ثنى عروةُ بنُ الزبيرِ، وسعيدُ بنُ المسيبِ، وعلقمةُ بنُ وقّاصٍ، وعبيدُ اللَّهِ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عتبةَ بن مسعودٍ، عن حديثِ عائشةَ زوجِ النبيِّ حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا، فبرَّأها اللَّهُ، وكلُّهم حدَّثني بطائفةٍ من حديثِها، وبعضُهم كان أوعَى لحديثِها من بعضٍ، وأثبَتَ اقتصاصًا (٢)، وقد وعَيتُ عن كلِّ رجلٍ منهم الحديثَ الذي حدَّثني [عن عائشةَ، وبعضُ حديثِهم يصدِّقُ بعضًا] (٣)؛ زعَموا أن عائشةَ زوجَ النبيِّ قالت: كان رسولُ اللَّهِ إذا أراد سفرًا أقرَع بينَ نسائِه، فأَيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها. قالت عائشةُ: فأقرَع بينَنا في غزاةٍ غزاها، فخرَج فيها سهمِى، فخرَجتُ مع رسولِ اللَّهِ ، وذلك بعدَ ما أُنْزِل الحجابُ، وأنا أُحْمَلُ في هَوْدَجى، وأَنزِلُ فيه، فسِرْنا حتى إذا فرَغ رسولُ اللَّهِ من غزوِه، وقفَل إلى المدينةِ، آذَن ليلةً بالرحيلِ، فقمتُ حينَ آذَنُوا بالرحيلِ، فمشَيتُ حتى جاوَزتُ


(١) في النسخ: "عبد الله بن عبيد"، والصواب ما أثبت، ينظر تهذيب الكمال ٢٦/ ٤١٩.
(٢) في ت ٢: "افتضاحًا".
(٣) في النسخ: "وبعضهم حدثني يصدق بعضه بعضا"، وتنظر مصادر التخريج.